ومن العجائب والعجائب جمّة ... شكر بطيء عن ندى متسرّع
ولقد دعوت ندى سواك فلم يجب ... فلأشكرنّ ندى أجاب وما دعي
فاستحسن ذلك منه، وما زال يبرّه إلى أن مات.
وحدث عنه العدل أبو يعلى ابن الفراء قال: دخلت إليه يوما قبل أن يموت بيسير، وإلى جانبه طبق مغطى، فقال لي: اكشف ذلك الطبق، وكشفته وإذا فيه دجاج مطبوخ ألوان وسنبوسج وحلاوة وغير ذلك من الأطعمة الطيبة، فقال: ما أراد الله عز وجل أن يبعث لي هذا، وأنا أقدر على أكله في أيام شبابي، وإنما بعثه إليّ الآن لأبصره حسرة.
وكان سيّء الاعتقاد تارة يميل إلى مذهب الفلاسفة وتارة يعترض على القضاء والقدر.
وقال أيو يعلى: كتب صدقة كتاب «الشفاء» لابن سينا فتغيّر اعتقاده، قال يوما: والله ما أدري من أين جاءوا بنا، ولا إلى أي مطبق يريدون أن يحملونا.
وحكى عنه أبو يعلى قال: كنت عنده فسمع صوت الرعد فقال: فوق خباط وأسفل خباط. قال أبو يعلى، وقال أبياتا أخذتها منه:
نظرت بعين القلب ما صنع الدهر ... فألفيته غرا وليس له خبر
فنحن سدى فيه بغير سياسة ... نروح ونغدو قد تكنفنا الشر
فلا من يحل الزيج وهو منجم ... ولا من عليه الوحي ينزل والذكر
يحلّ لنا ما نحن فيه فنهتدي ... وهل يهتدي قوم أضلهم السكر
عمى في عمى في ظلمة فوق ظلمة ... تراكمها من دونه يعجز الصبر
بن عيسى التجببي، أبو