معجز احمد (صفحة 342)

يقول: لو لقيت مكانها حزناً لكنت تزيل الحزن عن قلبك بالسيف، كما كانت عادتك في الحرب أن تكشف الحروب عن نفسك بالضرب وتجليه بالطعن.

وقيل: أراد لو كان بدل هذا الحنين الذي حصل بموت الأخت، حنين الفرسان يوم الحرب، لكشفت ذلك بالضرب وخلصتهم من الغم بالسيف، ولكن قضاء الله تعالى لا مرد له.

خطبةٌ للحمام ليس لها ردٌّ ... وإن كانت المسمّاة ثكلا

ثكلا: نصب لأنه مفعول ثان للمسماة التقدير: وإن كانت الخطبة تسمى ثكلا، فالخطبة المضمرة: اسم كان. والمسماة: خبره. وفيه ضمير الخطبة وموضعه: رفع؛ لأنه مفعول ما لم يسم فاعله وثكلا: مفعوله الثاني.

يقول: إن هذا الموت يجري مجرى الخطبة من الحمام للمرأة، وإن كانت الناس يسمونه ثكلا.

يعني: الحمام قد خطب أختك فلم تقدر على رده.

وإذا لم تجد من النّاس كفئاً ... ذات خدرٍ، أرادت الموت بعلا

يقول: إن المرأة المخدرة إذا لم تجد لنفسها كفئاً لها اختارت الموت على الأزواج الذين ليسوا بأكفاء.

ولذيذ الحياة أنفس في النّف ... س وأشهى من أن يملّ وأحلى

يقول: إن الحياة لذيذة للنفس، وإن كانت في ضر وبؤس، ولكنها لما عدمت الكفء صار ذلك سبباً في اختيار الموت وإن لم يكن لها ملال من الحياة ولذتها.

وإذا الشّيخ قال: أفٍّ فما مل ... ل حياةً وإنّما الضّعف ملاّ

يقول: إذا قال الشيخ الهرم: أف تضجراً فإنه لم يقل ذلك ملالاً من الحياة ولكنه يقول تضجراً من الضعف والمرض.

آلة العيش صحّةٌ وشبابٌ ... فإذا ولّيا عن المرء ولّي

المرء: الشاب.

يقول: لذة العيش مع الشباب وصحة الجسم، وإذا عدم المرء هذين، فليس له عيش، بل إذا وليا ولي المرء: أي يموت ويفارق المرء بفراقهما.

أبداً تستردّ ما تهب الدن ... يا فيا ليت جودها كان بخلاً!

الدنيا: رفع بتهب، أو بتسترد، على حسب إعمال أحد الفعلين.

يقول: عادة الدنيا أنها تسترد ما تهب، فليت أنها لم تهب ولم تجد!

فكفت كون فرحةٍ تورث الغم ... م وخلٍّ يغادر الوجد خلاّ

يقول: ليت الدنيا كفت كون فرحة تورث الغم وتعقب ترحة! وليتها كفت كون خليل يترك الحزن خليلاً، ويجعله صاحباً للمرء بعد خليله الذي كانت الدنيا وهبته منه.

وهي معشوقةٌ على الغدر ولا تح ... فظ عهداً ولا تتمّم وصلاً

يقول: الدنيا معشوقة مع كونها غدارة لا تحفظ عهداً، وإن واصلت لا يدوم وصلها.

كلّ دمعٍ يسيل منها، عليها ... وبفكّ اليدين عنها تخلّى

يقول: كل دمع يسيل فإنه يكون من جملة الدنيا عليها ولا يتركها إلا أن تفك يداه قسراً فيؤخذ عنها بالقهر، وذلك يكون عند الموت.

شيم الغانيات فيها فلا أد ... ري لذا أنّث اسمها النّاس أم لا؟

يقول: في هذه الدنيا أخلاق الغانيات. في قلة الوفاء، وسرعة التقلب، وكثرة الغدر، فلعل الناس أنثوها لشبهها بالغواني في الغدر والانقلاب! وهذا مثل قوله:

ولذا اسم أغطيه العيون جفونها

يا مليك الورى المفرّق محياً ... ومماتاً فيهم وعزّا وذلاّ

يقول: يا مليك الخلق الذي يقسم بينهم الأحوال، فمنه ضرهم ونفعهم، وموتهم وحياتهم، وعزهم وذلهم.

قلّد الله دولةً سيفها أن ... ت حساماً بالمكرمات محلّى

يقول: قلد الله حساماً محلى بالمكرمات دولة أنت سيفها.

لما جعله سيفاً جعل حليه المكارم.

فيه أغنت الموالي بذلاً ... وبه أفنت الأعادي قتلا

الموالي: يعني الأولياء ها هنا. والفعل للدولة، والهاء في به للسيف.

يقول: بهذا السيف أغنت الدولة أولياءها، وأفنت أعداءها.

أي أغنت أولياءها ببذل مالك، وأفنت أعداءها بقتالك.

وإذا اهتزّ للنّدى كان بحراً ... وإذا اهتزّ للوغى كان نصلا

يقول: هذا السيف إذا اهتز للجود كان غايةً فيه، وهو البحر، وفي الحرب كان نصلاً في مضائه ونفاذه.

وإذا الأرض أظلمت كان شمساً ... وإذا الأرض أمحلت كان وبلا

يقول: إذا أحدث أمراً تظلم له الأرض، كشفه وجلاه، كما تجلو الشمس الظلام، وإذا أصابها قحط، يقوم جوده مقام الغيث.

وهو الضّارب الكتيبة والطّع ... نة تغلوا والضّرب أعلى وأغلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015