الحزق: جمع حزقة، وهي الجماعة، والخابور: موضع بقرب الموصل.
يقول: إن بني نمير فروا من الفرات، ونزلوا الخابور صرعى من الخوف والكلال، فصاروا كالموتى خوفاً من أن يسري إليهم سيف الدولة، وهم صرعى كأنهم مخمورون، ورماحك كانت الشاربة، فكيف أصابهم الخمار دونها؟! وقيل: معناه أنهم بقوا هناك خائفين صرعى خوفاً من الممدوح، فيهم خمار: وهو الخوف والتقطع من الكلال من شرب غيرهم، وهو ما فعل ببني كعب من القتل، فخافوا أن يشربوا كأس الموت مثل ما شرب بنو كعب.
فلم يسرح لهم بالصّبح مالٌ ... ولم توقد لهم بالليل نار
يقول: هولاء كمنوا في الخابور وحبسوا مالهم، فلا يجسرون على تسريح مواشيهم بالنهار، خوفاً من الإغارة، ولا على إيقاد النار بالليل، خوفا من الدلالة وقيل: معناه ذهب مالهم، فلا مال يسرح لهم في الصبح، وتقوضت خيامهم فلا نار لهم توقد بالليل.
حذار فتىً إذا لم يرض عنهم ... فليس بنافعٍ لهم الحذار
حذار: نصب لأنه مفعول له.
يقول: فعلوا ذلك خوفاً من فتى، إن لم يرض عنهم لم ينفعهم الحذار.
تبيت وفودهم تسري إليه ... وجدواه الّذي سألوا اغتفار
يقول: وفود هولاء يأتون سيف الدولة، ولا يسألون من العطايا شيئاً إلا العفو عنهم والصفح عن إساءتهم.
فخلّفهم بردّ البيض عنهم ... وهامهم له معهم معار
معار: من العارية وهو مفعول عار.
يقول: لما رد سيوفه عنهم، ترك رءوسهم عارية عندهم؛ لأنها له متى شاء أخذها منهم، فكأنه لما عفى عنهم أعارهم رءوسهم.
هم ممّن أذمّ لهم عليه ... كريم العرق والحسب النّضار
أذم لهم: أي صيرهم في ذمامه والحسب: الشرف. والنضار: الخالص.
يقول: صيرهم في ذمامه كرم الأصل وصحة الحسب.
وأضحى بالعواصم مستقرّاً ... وليس لبحر نائله قرار
أي عاد إلى دار مملكته واستقر بها، ونائله لا يستقر بل يسير في الآفاق. وينتشر في البلاد.
وأضحى ذكره في كلّ أرضٍ ... تدار على الغناء به العقار
يقول: سار ذكره في الآفاق، يتحدث في كل مجلس بفضائله، ومتى أراد قوم شرب الخمر يغني لهم المغني بفضائله.
وقيل: معناه نظمت الأشعار بمدحه، فإذا أراد الناس شرب العقار غنى لهم المعني بهذه الأشعار.
تخرّ له القبائل ساجداتٍ ... وتحمده الأسنّة والشّفار
يقول: غنه ملك رقاب العرب، وتسجد له قبائلها، وإن الرماح وشفار السيوف تحمده؛ لأنه أعلى قيمتها بكثرة الاستعمال، ولأنها تكون باعثة على حمده؛ لأن من رأى طعنه وضربه بها حمده.
وقيل: عنى أصحاب السيوف والرماح.
كأنّ شعاع عين الشّمس فيه ... ففي أبصارنا عنه انكسار
الهاء في فيه لسيف الدولة، وفي عنه للشعاع، ويجوز أن يكون له أيضاً.
يقول: له من الهيبة والنور ما لا يمكننا أن ننظر معه إليه، كما لا نقدر أن ننظر إلى عين الشمس ومثله قوله عنترة:
إذا أبصرتني أعرضت عني ... كأنّ الشّمس من قبلي تدور
فمن طلب الطّعان فذا عليٌّ ... وخيل الله والأسل الحرار
الحرار: العطاش، واحدها: حرى: كغضبي وغضاب.
يقول: من أراد الحرب، ولا يجد محارباً فهذا علي فليأته، فقد رأيتموه وجربتموه، وهذه خيل الله؛ لأنه مجاهد بخيله، وهذه الرماح العطاش إلى الدماء.
يراه النّاس حيث رأته كعبٌ ... بأرضٍ ما لنازلها استتار
يقول: إنه يجاهر من يحاربه، ويبرز إليه في البيداء كما جاهر بني كعب، ولا يمتنع بسور.
وقيل: أراد أنه أبداً يقطع المفاوز إلى الأعادي ولا يمكن لأحد أن يستتر عنه. والمعنى: يراه الناس بالعين التي رأته بها كعب.
يوسّطه المفاوز كلّ يومٍ ... طلاب الطّالبين لا الانتظار
فاعل يوسط طلاب. تقديره: لا انتظاره.
يقول: كل يوم يتوسط المفاوز في طلب الهاربين إليها من أعدائه، والنازلين بها، لا أنه يهرب إليها ويتحصن بها، وينتظر من يقصده فيها.
وقيل: معناه أنه يتوسط الفلوات لطلب المغيرين على الناس من أهل الفساد، لا لانتظار صيد يقع أو فرصة تنتهز.
تصاهل خيله متجاوباتٍ ... وما من عادة الخيل السّرار
السرار: المسارة.