معجز احمد (صفحة 335)

فأقبلها المروج مسوّماتٍ ... ضوامر لا هزال ولا شيار

الهاء في أقبلها للخيل، وأضمرها للعلم بها، وأقبلها: أي أجازها وحولها نحوها. والمسومات: أي معلمات. والمروج: مروج سلمية. والهزال: جمع هزيل. وشيار: جمع شير، وهو الفرس السمين الممتلئ من اللحم.

يقول: أقبل بخيله إلى المروج، وهي مضمرة ليست بهزيلة ولا سمينة، بل كانت خفيفة اللحم لا من الهزال.

تثير على سلمية مسبطرّاً ... تناكر تحته لولا الشّعار

تناكر: أي تتناكر. وسلمية: موضع. مسبطراً: أي غباراً ساطعاً ممتداً.

يقول: أثارت الخيل غباراً بسلمية حتى ستر الشمس وأظلم النهار لامتداد الغبار، فأنكر ما تحته؛ لشدة الظلمة، وإنما كانوا يتعارفون بالعلامات.

عجاجاً تعثر العقبان فيه ... كأنّ الجوّ وعثٌ أو خبار

عجاجاً: بدل من مسبطراً. والوعث: الأرض السهلة الكثيرة الرمل. والخبار: الأرض السهلة التي فيها حجارة.

يقول: صار الجو من كثرة الغبار وتكاثفه أرضاً ذات وعث وخبار، حتى إن العقبان تعثر فيها ولا يمكنها الطيران.

وظلّ الطّعن في الخيلين خلساً ... كأنّ الموت بينهما اختصار

الخيلان: خيل سيف الدولة وخيل العدو، وهم بنو كلاب. والخلس: الاختلاس. يصف الجيش بالحذق في الطعن.

يقول: لما التقى الخيلان تخالسوا الطعن واختصروا الطريق إلى الموت، يعني أنهم اقتصروا على الطعن والضرب، فكأنهم اختصروا الحرب، وحذفوا فضولها، وقربوا القتل على الأعداء، فهذا اختصار الموت.

وقيل: إن معناه أن الموت كان يقلل من عدد جيش العدو بسرعة، لأن الاختصار هو رد الكثير إلى القليل.

فلزّهم الطّراد إلى قتالٍ ... أحدّ سلاحهم فيه الفرار

لزهم: أي ألجأهم. والطراد: المطاردة.

والمعنى: ألجأهم القتال إلى الهرب. أحد سلاحهم فيه الفرار يدفعون به القتل عن أنفسهم، كما يدفع السلاح، لما لم يمكنهم القيام لسيف الدولة.

مضوا متسابقي الأعضاء فيه ... لأرؤسهم بأرجلهم عثار

الهاء في فيه ضمير الفرار والطراد.

يقول: مضوا منهزمين فكانت أعضاؤهم يسبق بعضها بعضاً في الفرار، فالرأس يترك جسمه ويتقدم عليه ويتعثر بأرجل المنهزمين.

أو كانت الرءوس إذا أبينت تسقط على أرجل أصحابها فتعثر بها، خلاف المعهود، لأن المعهود أن تتعثر الأرجل لا الرءوس.

والمعنى: أنهم ولوا وتبعت خيل سيف الدولة أدبارهم تضرب أعناقهم وتسقط رءوسهم على أرجلهم، وهم ينهزمون، فجعل ذلك سابقاً من أعضائهم في الفرار.

يشلّهم بكلّ أقبّ نهدٍ ... لفارسه على الخيل الخيار

يشلهم: أي يطردهم. والأقب: الضامر البطن. والنهد. المشرف العالي.

يقول: يطردهم سيف الدولة بكل فرس ضامر مرتفع عالي، لفارسه خيار على الخيل: يعني يصرفها كيف شاء: إن شاء سبق، وإن شاء لحق؛ لجودة فروسيته.

وقيل: أراد بالخيار أنه يختار من يقتلهم، فكأنه يقتل القواد والكبار من أصاب الخيل دون الأرذال والحشو.

وكلّ أصمّ يعسل جانباه ... على الكعبين منه دمٌ ممار

وكل: عطف على قوله: بكل أقب. ويعسل: أي يضطرب. وجانباه: جانب الزج، وجانب السنان. وأراد بالكعبين: الكعبين اللذين في عامل الرمح. قيل: أراد به الكعاب للرمح فعبر عنهما بالتثنية. والممار: المجرى من أمرت الدم أي أجريته، فهو ممار، ومار، فهو مائر.

يقول: يطردهم بكل فرس ضامر، وكل رمح أصم لا تجويف فيه يهتز طرفاه، وقد سال الدم على كعوبه.

يغادر كلّ ملتفتٍ إليه ... ولبّته لثعلبه وجار

ثعلب الرمح: ما دخل منه في السنان. والوجار: بيت الثعلب بفتح الواو وكسرها. واللبة: المنحر.

يقول: هو يطردهم بكل رمح إذا التفت المنهزم لينظر هل وراءه أحد، طعنه في لبته حتى تصير لبته لثعلب الرمح بمنزلة الوجار للثعلب الذي هو الحيوان.

إذا صرف النّهار الضّوء عنهم ... دجا ليلان: ليلٌ والغبار

يقول: إذا زال عنهم ضوء النهار غطاهم ليلان: أحدهما الليل المعروف، والثاني ظلمة الغبار الموصوف.

وإن جنح الظّلام انجاب عنهم ... أضاء المشرفيّة والنّهار

جنح الليل وجنحه: جانبه، وقيل: سواده، وانجاب: انكشف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015