معجز احمد (صفحة 330)

يعني: لما كان آخر أمرهم ذلك، كانوا كأنهم بسطوا أيديهم للقطع ورءوسهم للشق.

لقد أقدموا لو صادفوا غير آخذٍ ... وقد هربوا لو صادفوا غير لاحق

يقول: كان يتم إقدامهم لو صادفوا من هو مثلهم، فلما أقدموا عليك أسرتهم، فلولاك لكان يتم ما أرادوه، وكان يمكنهم الهرب لو هربوا منك، فلما لاحقهم لم يمكنهم الهرب منه

ولمّا كسا كعباً ثياباً طغوا بها ... رمى كلّ ثوبٍ من سنانٍ بخارق

كعب: اسم قبيلة يقول: لما كساهم سيف الدولة ثياب إنعامه، وكفروا إحسانه، خرق عنهم تلك الثياب بممزق من سنان، يعني أنهم لما جحدوا نعمه أزالها عنهم وقتلهم، وتلك نعمة عليهم.

ولمّا سقى الغيث الّذي كفروا به ... سقى غيره في غير تلك البوارق

البوارق: جمع بارقة، وهي السحابة التي فيها برق، وهذا مثل الذي قبله.

يقول: أنشأ عليهم سحائب إحسانه وسقاهم غيث امتنانه، فلما جحدوا فضله أمطر عليهم من سحائب غير تلك السحائب، يعني أتاهم من عسكره في مثل السحائب البارقة فصب عليهم صواعق الانتقام، وأزال عنهم غيث الإنعام

وما يوجع الحرمان من كفّ حازمٍ ... كما يوجع الحرمان من كفّ رازق

يقول: إن كان الحرمان ممن جرت عادته به لا يوجع المحروم، كما يوجع إذا كان ممن جرت عادته بالنعم والامتنان.

أتاهم بها حشو العجاجة والقنا ... سنابكها تحشو بطون الحمالق

حشو: نصب على الظرف أو الحال، والهاء في بها للخيل المضمرة التي يدل عليها ذكر الجيش، والحملاق: باطن الجفن، والحمالق: أصلها الحماليق فحذفت الياء ضرورة يقول: أتاهم سيف الدولة بالخيل وسط الغبار والرماح، وحوافرها تنثر الغبار فيدخل في عيونها وعيون فرسانها.

عوابس حلّي يابس الماء حزمها ... فهنّ على أوساطها كالمناطق

عوابس: نصب على الحال أي أتاهم عوابس. وحلي: من التحلية. والحزم: جمع الحزام، وأراد بيابس الماء: عرقها.

يقول: قصد إليهم بالخيل وقد عبست وجف عرقها على حزمها فابيض فصار كأنه حلي من فضة، وأشبهت الحزم على أوساطها المناطق المحلاة بالفضة.

وقيل أراد به الماء الحقيقي.

والمعنى: أنه قصدهم في الشتاء وخاض بها الأنهار فجرى الماء على حزمها مثل الحلي في المناطق.

فليت أبا الهيجاء يرى خلف تدمرٍ ... طوال العوالي في طوال السّمالق

أبو الهيجاء: والد سيف الدولة. وتدمر: مدينة على طرف السماوة من ناحية الشام. يقال: إنها من بناء سليمان عليه السلام. والسمالق: جمع السملق، وهي الأرض البعيدة الأطراف. وقيل: السمالق: الطرق البيض.

يقول: ليت والده رآه وقد هزم عقيلاً وطردها بالرماح في هذه النواحي؛ ليفرح وتقر به عينه.

وسوق عليٍّ من معدٍّ وغيرها ... قبائل لا تعطى القفىّ لسائق

القفى: جمع القفا. واللام في قوله: لسائق زائدة كقوله تعالى: " رَدِفَ لَكُمْ " وسوق: عطف على قوله: طوال العوالي يقول: وليته رأى سوق ابنه قبائل العرب من معد وغيرها، ممن كان لا ينهزم لأحد ولا يوليه قفاه.

قشيرٌ وبلعجلان فيها خفيّةٌ ... كراءين في ألفاظ ألثغ ناطق

هما قبيلتان، وبلعجلان: أراد بني العجلان، فحذف النون، كما قالوا في بني الحارث بلحارث. وأما إذا أرادوا إدغام النون في اللام فلا يمكنهم، لسكون اللام، فعدلوا إلى الحذف لتعذر الإدغام، والنون من بلعجلان مكسورة لأن الاسم مجرور بالإضافة.

وحكى ابن جني عنه أنه كان يضمه ذهاباً إلى أن الاسمين صارا اسماً واحداً.

والألثغ: الذي يميل بالراء إلى اللام، والمعنى: أن هاتين القبيلتين مع كثرتهما قد خفيتا في جملة القبائل كالراءين في لفظ الألثغ في خفائهما بغيرهما من الحروف.

تخلّيهم النّسوان غير فواركٍ ... وهم خلّوا النّسوان غير طوالق

الفوارك: جمع فارك، وهي التي تبغض. وغير في الموضعين نصب على الحال.

يقول: شتت سيف الدولة جمعهم، حتى خلت النساء أزواجهن، لا للبغض والطلاق!

يفرّق ما بين الكماة وبينها ... بطعنٍ يسلّي حرّه كلّ عاشق

الهاء في بينها للنسوان.

يقول: إن سيف الدولة كان يفرق بين الأبطال ونسوانهم بطعن، لو أصاب العاشق أنساه حره حرارة العشق الذي في قلبه، وسلاه عن العشق.

وقيل: معناه أنه كان يقتل بالطعن الذي إذا حل في العاشق أنساه عشقه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015