إن عثمان رضي الله عنه وولاته انشغلوا بمدافعة الأعداء، وجهادهم، وردّهم، ولم يمنعهم ذلك من توسيع رقعة الدولة الإسلامية، ومدّ نفوذها في مناطق جديدة، وقد كان للولاة تأثير مباشر في أحداث الفتنة حيث كانت التهمة موجهة إليهم، وأنّهم اعتدوا على الناس، ولكنّنا لم نلمس حوادث معينة يتّضح فيها هذا الاعتداء المزعوم، والمشاع، كما اتُّهم عثمان بتولية أقاربه، وقد
دحضنا تلك الفرية، وهكذا نرى: أنّ عثمان لم يألُ جهداً في نصح الأمة، وفي تولية من يراه أهلاً للولاية، ومع هذا لم يسلم عثمان، وولاته من اتهامات وجهت إليهم من قبل أصحاب الفتنة في حينها، كما أن عثمان رضي الله عنه لم يسلم من كثير من الباحثين في كتاباتهم غير المحقّقة عن عهد عثمان وخصوصاً الباحثين المحدثين الذين يطلقون أحكاماً لا تعتمد على التحقيق، أو على وقائع محددة، يعتمدون فيها على مصادر موثوقة، فقد تورّط الكثير منهم في الرّوايات الضّعيفة، والرافضّية، وبنو أحكاماً باطلة وجائرة في حق الخليفة الرّاشد عثمان بن عفان، مثل طه حسين في كتابه: الفتنة الكبرى، وراضي عبد الرحيم في كتابه: النظام الإداري والحربي، وصبحيّ الصالح في كتابه: النُّظم الإسلامية، ومولوي حسين في كتابه: الإدارة العربية، وصبحي محمصاني في كتابه: تراث الخلفاء الراشدين في الفقه، والقضاء، وتوفيق اليوزبكي في كتابه: دراسات في النظم العربية والإسلامية، ومحمد الملحم في كتابه: تاريخ البحرين في القرن الأول الهجري، وبدوي عبد اللطيف في كتابه: الاحزاب السياسية في فجر الإسلام، وأنور الرِّفاعي في كتابه: النظم الإسلامية، ومحمد الرّيِّس في كتابه: النظريات السياسية، وعلي حسني الخربوطلي في كتابه: الإسلام والخلافة، وأبي الأعلى المودودي في كتابه الملك والخلافة وسيد قطب في كتابه: العدالة الاجتماعية، وغيرهم (?).
ولقد أكثر المؤرخون من الحديث عن محاباة عثمان أقاربه، وسيطرتهم على أزمة الحكم في عهده، حتّى أثاروا عليه نقمة كثير من الناس، فثاروا ناقمين عليه إطلاقه يد ذوي قرباه في شئون الدولة (?)، وأقارب عثمان الذي ولاهم رضي الله عنه