إليها مخضبة (?). قال ابن حجر: بعث إليها مخضبة ـ وهو من جملة الآنية ـ والمراد أنه كان من اشتكى أرسل إناء إلى أم سلمة فتجعل فيه تلك الشعرات وتغسلها فيه وتعيده فيشربه صاحب الإناء أو يغتسل بعده استشفاءً بها فتحصل له (?).
جـ ـ وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت في جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه كانت عند عائشة حتى قبضت فلما قبضت، قبضتها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها (?).
وقد فرّع العلماء على مسألة التبرك بآثار الرسول صلى الله عليه وسلم مسألة التبرك بفضلات الصالحين، وآثارهم ففي حديث عروة بنى مسعود وهو يصف أصحاب رسول الله عليه وسلم حوله، قال: فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة إلاوقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده ... وإذا توضَّأ كادوا يقتتلون على وضوئه (?)، وقد علق الشاطبي على هذا الحديث، وأحاديث أخرى تماثله، فقال: فالظاهر في مثل هذا النَّوع أن يكون مشروعاً في حق من ثبتت ولايته، واتِّباعه لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يتبرك بفضل وضوئه، ويُتدلَّك بنخامته، ويُستشفى بآثاره كلِّها، إلا أنَّه عارضنا في ذلك أصل مقطوع به في متنه مشكل في تنزيله، وهو أن الصحابة رضي الله عنهم بعد موته عليه السلام لم يقع من أحد منهم في شيء من ذلك بالنِّسبة إلى مَنْ خَلَفه، إذ لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته، أفضل من أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فهو خليفته، ولم يفعل به شيء من ذلك، ولا عمر رضي الله عنه وهو كان أفضل الأمة بعده، ثمّ كذلك عثمان بن عفان، ثمّ علي، ثمّ سائر الصحابة الذين لا أحد أفضل منهم في الأمَّة، ثمَّ لم يثبت لواحد منهم من طريق صحيح معروف أن متبرِّكاً تبرك به أحد تلك الوجوه، أو نحوها، بل اقتصروا على الاقتداء بالأفعال، والأقوال، والسِّير التي اتَّبعوا فيها النبي صلى الله عليه وسلم، فهو إذا إجماع منهم على ترك تلك الأشياء (?).
* * *