أـ سأله زيد بن وهب، ليتحقَّق ممَّا اشاعه مبغضون عثمان: هل نفاه عثمان أو اختار أبو ذرّ المكان؟ فجاء سياق الكلام: أنه خرج بعد أن كثر النّاس عليه يسألونه عن سبب خروجه من الشَّام، وليس في نص الحديث: أنَّ عثمان أمره بالذهاب إلى الربذَّة، بل اختارها بنفسه، ويؤيد هذا ما ذكره ابن حجر عن عبد الله بن الصَّامت قال: دخلت على أبي ذرِّ عند عثمان، فحسر رأسه، فقال: والله ما أنا منهم ـ يعني: الخوارج ـ فقال: إنَّما أرسلنا إليك لتجاورنا بالمدينة، فقال: لا حاجة لي في ذلك، إئذن لي بالرَّبذة. قال: نعم (?).

ب ـ قوله: كنت بالشَّام: بيَّن السَّبب في سكناه الشَّام، ما أخرجه أبو يعلي عن طريق زيد بن وهب: حدَّثني أبو ذرَّ، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا بلغ البناء ـ أي المدينة ـ سَلْعَاً، فارتحل إلى الشَّام. فلمَّا بلغ البناء سلعاً، قدمت الشام فسكنت فيها (?).

جـ ـ إنَّ قصة أبي ذرِّ في المال جاء من اجتهاده في فهم الآية الكريمة ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أليم* يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ)) (التوبة، آية: 34 ـ 35). وروى البخاري عن أبي ذرِّ ما يدل على أنَّه فسرَّ الوعيد ((يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا)) الآية، وكان يخوِّف النَّاس به، فعن الأحنف بن قيس، قال: جلستُ إلى ملأ من قريش في مسجد المدينة، فجاء رجل خَشِن الشَّعر، والثّياب، والهيئة، حتى قام عليهم، فسلَّم، ثم

قال: بشرِّ الكانزين بَرضفٍ (?) يُحمى عليه في نار جهنَّم ثم يوضع على حلمة ثَدْي أحدهم، حتَّى يخرج من نُفضي كتفه حتى يخرج من حلمة ثديه، يتزلزل (?). ثمَّ ولّى فجلس في سارية، وتبعته، وجلست إليه، وأنا لا أدري من هو، فقلت له: لا أرى القوم إلا قد كرهوا الذي قلت قال: إنَّهم لا يعقلون شيئاً. واستدلَّ أبو ذرّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015