مرض مرضاً أعياه عن القيام بأعباء الولاية، فطلب من الخليفة عثمان أن يعفيه، فأعفاه، وضم ولايته إلى معاوية بن أبي سفيان، وبذلك زاد نفوذ معاوية، فامتد إلى حمص التي ولى عليها من قبله عبد الرحمن بن خالد بن الوليد (?)، كما توفي علقمة بن محرز، وكان على فلسطين، فضمّ عثمان ولايته إلى ولاية معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه فاجتمعت الشَّام لمعاوية بعد سنتين من خلافة عثمان رضي الله عنه، وأصبح الوالي المطلق فيها طيلة السنوات الباقية من خلافة عثمان رضي الله عنه حتَّى توفي عثمان وهو عليها كما هو معروف (?)،
وقد كانت فترة معاوية على الشَّام مليئة بالأحداث، وكانت الشَّام من أهم مناطق الجهاد، ومع أن الشَّام في داخلها قد استقرت أوضاعها، وسادها الإسلام، وقلَّت محاولات الرُّوم إثارة القلاقل فيها، إلا أن الشام كانت متاخمة لأرض الروم، وبالتالي كان المجال مفتوحاً أمام معاوية للجهاد في تلك النواحي وسيأتي الحديث عنها بإذن الله، وقد كان لمعاوية
ثقله السياسي في الدولة الإسلامية أواخر خلافة عثمان رضي الله عنه، إذ كان ضمن الولاة الذين جمعهم عثمان ليستشيرهم، حين بدأت ملامح الفتنة تلوح في الأفق، كما ظهرت له آراء خاصة في هذا الاجتماع، وجَّهها إلى عثمان (?) رضي الله عنه وسيأتي الحديث عنها بإذن الله تعالى.
كان حبيب بن سلمة الفهري من أبرز أمراء الجهاد في زمن ولاية معاوية على بلاد الشَّام، فعند أجلبت الرُّوم على المسلمين بالشام بجموع عظيمة أوّل خلافة عثمان، كتب معاوية إلى عثمان يستمده، فكتب عثمان إلى الوليد بن عقبة والي الكوفة عندما انتهى من مهمته في أذربيجان وعاد إلى الموصل جاء في خطاب الخليفة إلى الوليد بن عقبة: أمَّا بعد: فإن معاوية بن أبي سفيان كتب إليَّ يخبرني: أن الرُّوم قد أجلبت (?) على المسلمين بجموع عظيمة، وقد رأيت أن يمدّهم إخوانهم من أهل الكوفة، فإذا أتاك كتابي هذا، فابعث رجلاً ممَّن ترضى نجدته، وبأسه، وشجاعته، وإسلامه في ثمانية آلاف، أو تسعة آلاف، أو عشرة آلاف