تحقيق ذلك الهدف ـ من تطوير وسائط الدفاع، واعتبار العواصم والثغور مجرد قواعد متقدمة واجبها تلقي الصدمة والإنذار، مع استخدام هذه القواعد مركز انطلاق للهجمات المضادة، وقد قاد معاوية بنفسه بعض هذه الصوائف منها صائفة سنة 22 هـ حيث دخل بها بلاد الروم في عشرة آلاف، وصائفة 23 هـ (?)، حيث أوغل
حتى بلغ عمورية، ومعه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عبادة بن الصامت، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو ذر الغفاري، وشداد بن أوس (?).
ب ـ تكوين أسطول إسلامي في البحر:
ويعود الفضل إلى الله ثم إلى معاوية في هذه المرحلة المبكرة إلى فتح باب الجهاد في البحر الذي أصبح ضرورياً لحماية الشام ومصر ومواجهة النشاط المتزايد للأسطول البيزنطي، وغاراته المتكررة على سواحل الإقليمين، وإمداداته للثائرين بهما. وقد استطاعت عمليات الصوائق والشواتي أن تضع حداً للتهديدات البرية، لكن المدن الساحلية، بداية من إنطاكية ونهاية بالأسكندرية، بقيت تحت رحمة البحرية البيزنطية، وأدرك معاوية أيضاً أنه من المحال تطوير عمليات الفتوح في أفريقيا ما لم يتم انتزاع السيطرة البحرية من البيزنطيين (?)، ولم يبدأ معاوية في غزو البحر فعلياً إلا في عهد عثمان وسيأتي بيان ذلك بإذن الله تعالى.
حينما جاء عثمان إلى الخلافة كان معاوية رضي الله عنه والياً على معظم الشَّام، فأقرَّه عثمان عليها (?)، كما أقرَّ بعض الولاة الآخرين على ولاياتهم، كاليمن، والبحرين، ومصر وغيرها من الولايات، وقد تطورت الأحداث، وضُمَّت إلى معاوية بعض المناطق الأخرى حتى أصبح معاوية هو الوالي المطلق لبلاد الشام، بل أصبح أقوى ولاة عثمان، وأشدّهم نفوذاً وقد كان في بداية خلافة عثمان ولاة آخرون، منهم: عمير بن سعد الأنصاري، وكان على حمص، وينافس معاوية بن أبي سفيان في المكانة لدى عثمان رضي الله عنه إلا أن عميراً