ففعل وظفر بهم بعد بلاء حسن وآيات عجيبة (?)،
وكان من الطبيعي بعد انتهلء حروب الردة وعودة المرتدين إلى حظيرة الدين وانصياعهم للحكومة الراشدة، أن تطمح الأبصار إلى تخليص الشعوب المستعبدة من حكوماتها الظالمة ودعوتها إلى الإسلام، وبدأ ما عرف في التاريخ بحركة الفتوح الكبرى على جبهتي فارس والروم .. وقد كان لبني أمية دور بارز في هذه الحروب مما يؤكد عمق التزامهم الإسلامي وحيوية دورهم التاريخي في هذه الفترة، غير أننا نشير في البداية إلى وضوح سمتين ظاهرتين صاحبتا حركة الفتوح (?):
الأولى: هي تعاظم دور مسلمة الفتح وطلقاء مكة في الفتوح ـ ومنهم بعض بني أمية ـ وقد كان ذلك متوقعاً لسببين، الأول هو ما قرره أبو بكر من ضرورة عدم الاستعانة بمن ارتد عن الإسلام ثم عاد إليه في الفتح (?). وقد كان هذا يعود إلى حرص أبي بكر الصديق رضي الله عنه على نقاء هذه الفتوحات من آثار رقة الدين أو شهوات هذه النفوس التي لم تخلص بعد للإسلام، أو لم تبرهن على إخلاصها له.
والثاني: يعود إلى حرص هؤلاء السادة والأشراف على تعويض ما فاتهم من خدمة قضية الإسلام وأن يلحقوا بإخوانهم الذين سبقوهم إلى الإسلام فسادوا بذلك وعلت أقدارهم (?).
والسمة الظاهرة الثانية: هي تركز نشاط الأمويين في الفتوح على جبهة الشام يشاركهم في
ذلك كثير من الفاتحين من أهل مكة عموماً، ويبدو أن ذلك كان أمراً مقصوداً من الخليفة الصديق الذي أدرك وجود صلات عميقة الجذور بين بني أمية والمكيين والقبائل العربية المقيمة ببلاد الشام تحت الحكم البيزنطي، تلك الصلات التي تعمقت من خلال النشاط التجاري المتواصل بين مكة والشام في الجاهلية والذي كان بنو أمية أبرز قواده ورواده (?)، وأما عن مشاركة الأمويين في حروب الفتح، فقد جاءت مبكرة، حيث شارك الوليد بن عقبة بن أبي معيط مع خالد بن الوليد في فتوح العراق الأولى، وشهد