المبحث السادس: القضاء في عهد معاوية رضي الله عنه والدولة الأموية:

يعتبر القضاء في العهد الأموي من الدرجة الثالثة بعد القضاء في العهد النبوي والقضاء في العهد الراشدي، لأن العصر الأموي كان زاهياً وفيه كثير من آثار العهد الراشدي، وكانت كثير من الأعمال امتداداً للعهد الراشدي، وخاصة في جانب الفتوحات الإسلامية، وانتشار الدعوة في المشارق والمغارب ودخول الناس في دين الله أفواجاً، وازدهار الحضارة الإسلامية (?).

أولاً: صلة العهد الأموي بالعهد الراشدي:

كان العهد الأموي وخصوصاًَ عهد معاوية امتداداً للعهد الراشدي في عدة جوانب، فبقي

كثير من الصحابة إلى العهد الأموي، وشاركهم في العلم والفقه والقضاء وغيرها كبار التابعين، ثم صغار التابعين، كما بقي بعض قضاة العهد الراشدي يمارسون القضاء في العهد الأموي، وبعدهم طال قضاؤهم كشريح بن الحارث رحمه الله، وبقيت في العهد الأموي آثار التربية الدينية وسمو العقيدة، وآثار الإيمان، والالتزام بأهداب الدين، والتقيد بالأحكام الشرعية، وظهر في العهد الأموي عدد كبير من المجتهدين الذين كانوا صلة الوصل بين الصحابة والمذاهب الفقهية، وكان العلماء والمجتهدون في العهد الأموي أساتذة لأئمة المذاهب التي ظهرت في العهد العباسي، وكان لهذه الصورة الفقهية الزاهية أثرها الكبير والمحمود على حسن سير القضاء والعدالة في العهد الأموي، وزهر التوسع بالاجتهاد، كما بدأت حركة تدوين العلوم الإسلامية، والانفتاح على الحضارات الأخرى، وترجمة الثقافات والعلوم من الأمم المجاورة (?).

ثانياً: تخلي الخلفاء عن ممارسة القضاء، وفصل السلطات:

كان الخلفاء الراشدون يتولون القضاء بأنفسهم، ويفصلون في القضايا والدعاوى والمنازعات، وصدرت عنهم أقضية كثيرة، وكان الولاة في الأمصار يتمتعون بنفس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015