معاوية ـ وكان خير الرجلين ـ أي عمرو، إن قتل هؤلاء من لي بأمور الناس من لي بنسائهم من لي بضيعتهم؟ فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس ـ عبد الرحمن بن سمرة، وعبد الله بن عامر بن كريز ـ فقال: أذهب إلى هذا الرجل فأعرضا عليه قولا له، واطلبا إليه (?).
أـ فعمرو بن العاص رضي الله عنه، القائد العسكري الشهير والسياسي المحنك والذي عركته الحروب يقول: إني أرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها.
ب ـ وأما معاوية رضي الله عنه، فتقييمه للموقف العسكري بأنه لا يستطيع أحد أن ينتصر ويحقق حسماً عسكرياً إلا بعد خسائر فادحة للطرفين، ولا يستطيع معاوية حتى لو كان هو المنتصر أن، يتحمل تركت الحرب من أرامل وأيتام وقتل خير المسلمين، وما يترتب على ذلك من مفاسد كبرى إجتماعية وسياسية واقتصادية، وأخلاقية للأمة الإسلامية، ولذلك اختار معاوية شخصيتين كبيريتين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أصحاب النفوذ في المجتمع الإسلامي ولهم حضور واحترام عند الحسن وهما من قريش، فالشخصيتان اللتان أرسلهما معاوية رضي الله عنه تدل على حرصه على نجاح الصلح مع الحسن بأي ثمن ممكن، وقد ظل زمام
الموقف بيد الحسن بن علي رضي الله عنه ويد أنصاره، ولو لم يكن الحسن مرهوب الجانب لما احتاج معاوية إلى أن يفاوضه ويوافق على ما طلب من الشروط والضمانات، ولكان عرف ضعف جانب الحسن، وانحلال قوته عن طريق عيونه، ولدخل الكوفة من غير أن يكلف نفسه مفاوضة أحد أو ينزل على شروطه ومطالبه (?) كان الحسن بن علي رضي الله عنه ذا خلق يجنح إلى السلم، وكان رضي الله عنه يملك رؤية إصلاحية واضحة المعالم، خضعت لمراحل وبواعث وتغلب على العوائق، وكتب شروطه، وترتب على صلحه نتائج، وأصبح هذا الصلح من مفاخر الحسن على مر العصور وتوالي الأزمان، فكان في صلحه مع معاوية وحقنه