مثلًا أنهم ذكروا كسوفًا للشمس أمكن بالحساب الفلكي تحديد وقت حدوثه بدقة في 15 يونيو 763 قبل الميلاد، وكان هذا من الأمثلة التي ساعدت على ضبط تاريخ الأشوريين بالنسبة للتاريخ الميلادي، كما ساعد على ضبط تاريخ بلاد النهرين عامة، ومما ساعد على التعرف على تاريخ بلاد النهرين أن بعض الكتاب والمؤرخين القدامى تركوا قوائم بأسماء الملوك السابقين وتتابعهم وقسموها إلى أُسَرٍ حاكمة1، وإلى جانب هذه ترك البابليون والأكديون كتابات أخرى تاريخية تشيد بأعمال الملوك والأمراء، كما أن ملوك الأشوريين اعتادوا أن يدونوا أخبار حروبهم بهيئة رسائل يرسلونها إلى كبير الآلهة؛ فمثلًا يبدأ الملك سرجون الثاني رسالةَ إلى الإله أشور بتحية هذا الإله وتحية الآلهة الآخرين، كما يحيي المدينة وسكانها ثم يسرد أخبار حملته بالتفصيل كتلك التي قام فيها بغزو أرمينيا وهكذا.
وقد عني مؤرخو الأشوريين بتدوين الحوليات الخاصة بالملوك مرتبة حسب سني حكمهم أو على حسب العهود الدورية التي كانت تنسب إلى عظماء رجال الدولة، ومن هذه الحوليات أمكن جمع تاريخ وافٍ لأشور، ولم تقتصر المصادر التاريخية على ذلك؛ بل نجد أن البابليين في عهد الدولة البابلية الجديدة قد عنوا بكتابة تاريخ العصور السابقة حتى تناولوا حوادث سبقت زمنهم بنحو ألفي عام، وهكذا نجد أن التدوين التاريخي في بلاد النهرين كان موضع عناية في مختلف عصورها.
ولم يقتصر اهتمام أهل البلاد على المعارف التاريخية وحدها بل