ومما يسترعي النظر أن الخط المسماري مر بمراحل تشبه إلى حد ما المراحل التي مر بها الخط الهيروغليفي؛ إذ إنه إلى جانب هذا الخط وجد الخط الآرامي الذي كتبت بحروف هجائية قبل الميلاد ببضعة قرون، ونظرًا لسهولة هذا الخط الأخير نسبيًّا ولانتشار الآرامية بسبب نشاط الآراميين التجاري؛ فإن هذا الخط أخذ يحل محل الكتابة المسمارية؛ ومع هذا فقد ظلت هذه الكتابة منتشرة إلى بداية التاريخ الميلادي ولكنها هجرت بعد ذلك ولم يعد أحد يعرفها وظل الحال كذلك إلى القرن التاسع عشر؛ فقبل بداية هذا القرن بدأ كثير من السياح يفدون إلى الشرق ونقل بعضهم عددًا من ألواح حجرية مكتوبة وبعض الألواح الطينية، وعكف بعض الباحثين على محاولة تفهمها وحل رموزها، وكما أمكن حل الهيروغليفية من حجر رشيد إذ كان مكتوبًا بثلاث لغات كذلك وجدت آثار في "برسيبوليس" عاصمة الفرس الإخمينيين بثلاث لغات هي الفارسية القديمة والعيلامية والبابلية مع فارق واحد أن اليونانية التي كتبت على حجر رشيد كانت معروفة للباحثين؛ بينما لم تكن أي من اللغات المدونة في برسيبوليس معروفة في ذلك الوقت؛ ولكن نظرًا لأن الكتابة الفارسية كانت أقل الكتابات عددًا في علاماتها وأقل تعقيدًا في شكلها فقد ركزت الجهود على حلها وأمكن التوصل فيها إلى اسمي ملكين من ملوك فارس ثم عرفت مفردات أخرى من هذه اللغة، وبعد ذلك تمكن العلماء بالاستعانة بما أمكن معرفته من هذه اللغة في حل رموز اللغة البابلية، وأمكن التوصل فعلًا إلى معرفة مفردات منها وجزء من علاماتها، ثم تتابعت جهود العلماء؛ فازدادت المعرفة باللغة البابلية، وبلغ من دقة ما توصلوا إليه أنه أجرى للعلماء في مختلف الأقطار شبه امتحان حيث قدمت لكل منهم نسخة من نص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015