كاتبًا ممتازًا وإلى جانب هذا التعليم العام كان بعضهم يتخصص في مختلف فروع الثقافة العليا: كالطب والفلك والقانون والموسيقى والعلوم الرياضية في معاهد خاصة.

وفضلًا عن ذلك كانت هناك مؤسسات خاصة أشبه بالمكتبات ودور السجلات لحفظ الكتب والوثائق، وبعضها كانت تلحق بالمعابد الشهيرة والقصور الملكية، ومثل هذه عثر عليها في أنقاض قصر الملك آشور بانيبال، وكانت تحوي مئات الألوف من ألواح الطين المدونة بمختلف نواحي المعرفة والعديد من السجلات والوثائق التاريخية وهي تلقي ضوءًا كبيرًا على حضارة بلاد النهرين وتاريخها، والظاهر أن هذا الملك كان قد جمعها من مختلف المدن إلى جانب ما نسخه عن أصول قديمة. كذلك عثر في "تل حرمل" بالقرب من بغداد على أكثر من "300" لوح كتبت في مختلف أنواع المعرفة ويظهر أنها كانت موضعًا لحفظ السجلات والوثائق أو مكان مدرسة.

ولا بد من الإشارة هنا إلى أن مادة الكتابة في بلاد النهرين -ألواح الطين- لم تكن مادة يسيرة الحفظ؛ بل كانت سريعة التعرض للتلف؛ ولذا كان من المعتاد وضع الألواح بعد كتابتها في أغلفة من الطين؛ كما أنه لم يكن من الميسور أيضًا عمل ألواح كبيرة الحجم منه؛ ولذا كانت معظمها صغيرة الحجم، وكثيرًا ما كانت تتعرض للكسر عند إخراجها من أغلفتها، ولذا تبعثرت هذه الألواح وتشتت أجزاؤها؛ فقد يعثر على جزء من لوح في مكان؛ بينما يوجد ما يكمله في أماكن أخرى حتى إنه أصبح من المألوف أن توجد أجزاء من هذه الوثائق في بعض المتاحف ويوجد ما يكملها في متاحف أخرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015