على أنه باني سور المعبد في مأرب، وربما كان هو الذي وحَّد جنوب شبه الجزيرة بأكملها بما في ذلك حضر موت ونجران والمحميات، ومن الجدير بالذكر أن هذا الملك يشير في نقوشه إلى خزانات المياه والجسور والقنوات التي أمر بإنشائها.

وليس من اليسير تتبع الآثار المختلفة في مناطق جنوب شبه الجزيرة، وكل ما يمكن قوله في هذا الصدد: إن هذه الآثار؛ وإن كانت قليلة ولم تدرس دراسة وافية بعد؛ إلا أنها تعطي فكرة واضحة بعض الشيء عن الديانة في هذه المنطقة وعن توصل أهلها إلى أعمال هندسية رائعة سواء في المعمار أو في التحكم في مياه السيول، وبلوغهم درجة لا بأس بها في القوانين والعلاقات العامة؛ وخاصة فيما يتعلق بتحديد الملكية وتحديد الحدود بين الأملاك المختلفة كما يبدو من هذه الآثار أيضًا أنهم نعموا بالرفاهية وأن الرقص والموسيقى كان لهما نصيب في حياتهم؛ إذ توجد على بعض الأحجار مناظر تمثل راقصات تحيطها زخارف مختلفة.

ولا شك في أن موقع جنوب شبه الجزيرة كان له أثره في اتصال بعض الأقطار ذات الحضارات القديمة بسكانه. ومن المرجح أن وجود هؤلاء السكان عند مخرج البحر الأحمر جعلهم يغامرون بالخروج إلى البحر وأصبحوا من الملاحين الممتازين؛ بل ويتغالى بعض المؤرخين فيذكر أنهم وصلوا بسفنهم إلى بلاد الهند وبلاد النهرين ومصر، كما أن إقبال بعض القبائل على الاستقرار في بعض أماكن شبه الجزيرة لم يجعلهم يتخلون نهائيًا عن صفاتهم البدوية بما فيها من حب التجوال والترحال؛ ولذا نجد أن سكان هذه المناطق إلى جانب مهارتهم في الملاحة قاموا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015