فيبدأ بتعليمهم أصول الدين وأساسياته لكي يصح إيمان العبد، ولأن العبادة وقبولها تنبني على صحة العقيدة، ثم يعلمهم كيفية الطهارة وكيفية الصلاة.. وغيرها من فروض الأعيان، فالمقصود أنه ينبغي الاعتناء بذلك. وما انتشرت السنن، ولا أُميتت البدع، ولا حييت معالم الدين وأشرقت أنواره إلا بالدعوة إليه وتبليغ رسالة الله.
وهل حصل ما حصل من الجهل -حتى أصبح الكثير من الناس يقع في أخطأ توجب بطلان صلاته أو صيامه أو حجّه وعبادته والعياذ بالله، وهو يعيش بين طلاب العلم- إلا بسبب تقاعس بعض الطلاب عن أداء هذه الرسالة العظيمة.
وينبغي أن يفرق بين قضيتين: الدعوة إلى أصول الدين والقواعد العامة، أو النهي عن المنكرات العامة الواضحة التي لا تحتاج إلى كثير علم، وبَيْنَ الدعوة إلى المسائل الخاصة الدقيقة التي هي من اختصاص العلماء، فمن أمثلة الأولى: الدعوة إلى التوحيد، شخصٌ أمامك يعبد الوثن، لا يَسوغ لك أن تقول: أنا ما أدعوه حتى أتعلم وأتسلح بالعلم الكامل وأعرف الرد على الشبهات؛ لأن الدعوة إلى اصل الدين يستوي فيه عامة المسلمين، ويعتبر فرض عين على كل مسلم إذا رأى إنساناً يعبد غير الله أن يدعوه إلى توحيد الله عز وجل، ولا يعذر أحد بترك هذا الأصل، فهو أمر من الواضحات.
كذلك لو رأيتَ إنساناً على الزنا أو شرب الخمر والعياذ بالله، فإن الزنا وشرب الخمر منكر واضح لا يحتاج إلى كثير علم. شخصٌ لا يصلي أو لا يزكي، فكل إنسان مطالب بدعوته.
وأما الدعوة إلى خصوصيات الأحكام أو المسائل التي تنزل بالناس ويحتاج فيها إلى علم وبصيرة ونور ومعرفة، فهذه للعلماء، ولا بدّ فيها من نور الوحي والبينة والبصيرة في الدعوة. ((قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي)) [الأنعام:57] ، ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ)) [يوسف:108] .