ومن هنا ندرك خطأ بعض الناس حين يقول: كل واحد يدعو، ويقوم ويتكلم بما يفتح الله عليه، فقد يأتي هذا الجاهل، أو حديث عهد بالجاهلية، ويقف أمام أناس لهم علم ولهم معرفة، لكي يتكلم بما فتح الله عليه، فيخبط خبط عشواء، هذا طبعاً من الإفراط، وأما التفريط نجد مثلاً من يقول بترك الدعوة حتى يكتمل علمه، والمنكرات عن يمينه ويساره، من أمامه ومن خلفه، قرير العين، وهو يقول: لا.. حتى أنتهي من العلم كاملاً ثم أدعو الناس.. لا.. القضية وسط، فالمسائل التي لا يعذر أحد بجهلها، كمسائل الأصول، كل إنسان مطالب بالدعوة إليها، أما المسائل الدقيقة يترك الفصل فيها لأهل العلم، والمقصود أن طالب العلم لا يبقى، ويقول: أنا لا أدعو حتى أنتهي من طلب العلم، هذا تقصير، ويتحمل التبعية، بل يدعو على قدر علمه، حتى ولو في أحكام العبادات، لو قام بعد صلاة العصر كل يوم وتكلم عن هدي من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العبادات والمناسبات خلال السنة، لكان خيراً كثيراً، ولا يتعلم أحد سنة منك فيعمل بها إلا كنتَ شريكه في الأجر، ولو أن هذا المتعلم منك علَّمَ أبناءه وبناته وأهله وجيرانه، أو نطق بهذه السنة في مجلس، لكان لك مثل أجره، حتى جاء في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن رسول صلى الله عليه وسلم: (يؤتى بالعبد يوم القيامة، فينصب له ميزان، فتأتي أعمال كالسحابة، فيقول: يا رب.. ما هذه الأعمال؟. هذه ليست بأعمالي، فيقول الله تبارك وتعالى: بلى.. هذه سنن دعوتَ إليها، كان لك أجر من عمل بها) (?) [102] ) . فالتجارة مع الله ربح وفوز (?) [103] ) ، فلذلك أقول: إن طالب العلم يُعلِّم، ولكن على قدر علمه