الدلتا وأرسلوا إلى نينوى لمحاكمتهم، وكان من بين هؤلاء "نكاو" أمير صالحجر الذي -بدلًا من معاقبته- أعيد إلى وظيفته مكرمًا كما عين ولده "بسماتيك"1 أميرًا في أتريب, ولا ندري سببًا لذلك كما لا ندري كيف استطاع "منتوام حات" أمير طيبة ورئيس كهنتها أن يقنع الأشوريين بالرجوع عن طيبة بعد تدمير طفيف لها؟ ومع أن طهرقة فر إلى نباتا وبقي بها حتى وفاته؛ إلا أنه ظل يتمتع بسلطة اسمية على مصر؛ حيث اعترف به كملك في طيبة إلى ما بعد هذه الغزوة الآشورية، ورغم كثرة حروبه فإن ما خلفه من آثار يجعلنا نعتقد أنه كان من أكثر ملوك نبتة ثراءً.
ولما توفي طهرقة تبعه في الحكم "تانويت أماني" الذي ادعى في لوحة له تعرف باسم لوحة الرؤيا بأن الإله آمون جاءه في المنام وأمره بالتقدم إلى مصر والاستيلاء عليها، ومع أنه يشير إلى ترحاب المصريين به؛ إلا أننا نفهم من بين سطور هذه اللوحة أن الظروف لم تكن مواتية له تمامًا، كذلك لم يستمر في مصر طويلًا؛ لأن آشور بانيبال عاد إليها ثانية وأخضعها من جديد ودمر طيبة للمرة الثانية, ففر تانويت أماني إلى نباتا، ومنذ ذلك الحين لم تشاهد مصر بعد ذلك أحدًا من ملوك النوبة كما أن الأشوريين رجعوا إلى نينوى، ولم تبق مملكتهم بعد ذلك طويلًا بل تحطمت عاصمتها نينوى بعد غزوة أشور بانيبال الأخيرة بنحو خمسين عامًا.
ومهما كان من أمر الأحداث التي مرت بمصر بعد الغزوة المشار إليها؛ فإن السلطة الفعلية فيها كانت في يد "بسماتيك" الذي أشرنا إلى تعيينه أميرًا لأتريب؛ فقد تولى إمارة سايس بعد والده، ويبدو أنه أعلن نفسه ملكًا