• لابد في الاستعاذة من الشيطان تدبر المعنى واعتماد القلب على الله في صرفه عنه.

• كثيراً ما تعرض للمؤمن شعبة من شعب النفاق ثم يتوب الله عليه، وقد يرِد على قلبه بعض ما يوجب النفاق ويدفعه الله عنه، والمؤمن يُبتلى بوساوس الشيطان وبوساوس الكفر التي يضيق بها صدره، كما قال الصحابة: يا رسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه ما لئن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: ذاك صريح الإيمان. وفي رواية: ما يتعاظم أن يتكلم به، قال: الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له ودفعه عن القلب هو من صريح الإيمان، كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه فهذا أعظم الجهاد، والصريح الخالص كاللبن الصريح، وإنما صار صريحاً لما كرهوا تلك الوساوس الشيطانية ودفعوها فخلص الإيمان صريحاً، ولا بد لعامة الخلق من هذه الوساوس، فمن الناس من يجيبها فيصير كافراً ومنافقاً، ومنهم من غمرت قلبه الشهوات والذنوب فلا يحس بها إلا إذا طلب الدين، فإما أن يصير مؤمناً، وإما أن يصير منافقاً.

• داء الوسوسة، هل له دواء؟ نعم , له دواء نافع، وهو الإعراض عنها جملة كافية، وإن كان في النفس من التردد ما كان؛ فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت بل يذهب بعد زمن قليل كما جرَب ذلك الموفَقون، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها.

فالوسوسة من الشيطان اتفاقاً، واللعين لا غاية لمراده إلا إيقاع المؤمن في وهدة الضلال والحيرة ونكد العيش وظلمة النفس وضجرها إلى أن يخرجه من الإسلام وهو لا يشعر فدواء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني وأن إبليس هو الذي أورده عليه وعليه مقاتلته ومدافعته فيكون له ثواب المجاهد لأنه يحارب عدو الله، فإذا استشعر ذلك فرَ عنه.

وإذا أردت أن ينقطع عنك، في أي وقت أحسست به فافرح، فإنك إذا فرحت به انقطع عنك؛ لأنه ليس شيء أبغض إلى الشيطان من سرور المؤمن، وإن اغتممت به زادك.

وإن الوسواس إنما يُبتلى به من كمل إيمانه، فإن اللص لا يقصد بيتا خرباً, وغرض الشيطان من تلك الوسوسة أن يحول بين العبد وربه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015