جئتك من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم لحديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جئت لحاجة، قال فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً من طرق الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضىً لطالب العلم وإن العالم ليستغفر له من في السموات والأرض والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وأن العلماء ورثة الأنبياء؛ وأن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ورَّثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر.
قال الشيخ: قوله إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم يتأول على وجوه أحدها أن يكون وضعها الأجنحة بمعنى التواضع والخشوع تعظيماً لحقه وتوقيراً لعلمه كقوله تعالى {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} [الإسراء: 24] وقيل وضع الجناح معناه الكف عن الطيران للنزول عنده كقوله ما من قوم يذكرون الله إلاّ حفت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة. وقيل معناه بسط الجناح وفرشها لطالب العلم لتحمله عليها فتبلغه حيث يؤمه ويقصده من البقاع في طلبه ومعناه المعونه وتيسير الننبعي له في طلب العلم والله أعلم.
وقيل في قوله وتستغفر له الحيتان في جوف الماء إن الله قد قيض للحيتان وغيرها من أنواع الحيوان بالعلم على ألسنة العلماء أنواعاً من المنافع والمصالح والارفاق فهم الذين بينوا الحكم فيها فيما يحل ويحرم منها وارشدوا إلى المصلحة في بابها وأوصوا بالإحسان إليها ونفي الضرر عنها فألهمها الله الاستغفار للعلماء مجازاة على حسن صنيعهم بها وشفقتهم عليها.