وفيه دليل على أن أهل الشرب الأعلى مقدمون على من هو أسفل لسبقه إليه وأنه ليس للأعلى أن يحبسه عن الأسفل إذا أخذ حاجته منه. فأما إذا كان أصل منبع الماء ملك لقوم وهم فيه شركاء أو كانت أيديهم عليه معاً فإن الأعلى والأسفل فيه سواء، فإن اصطلحوا على أن يكون نوباً بينهم فهو على ما تراضوا به وإن تشاحوا اقترعوا فمن خرجت له القرعة كان مبدوءاً به.
وقد اختلف الناس في تأويل هذا الحديث فذهب بعضهم إلى أن القول الأول إنما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجه المشورة للزبير وعلى سبيل المسألة في أن يطيب نفساً لجاره الأنصاري دون أن يكون ذلك منه حكماً عليه، فلما خالفه الأنصاري حكم عليه بالواجب من حكم الدين.
وذهب بعضهم إلى أنه قد كفر حين ظن برسول الله صلى الله عليه وسلم المحاباة للزبير إذ كان ابن عمته وإن ذلك القول منه كان ارتداداً عن الدين، وإذا ارتد عن الإسلام زال ملكه وكان فيئاً فصرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الزبير إذ كان له أن يضع الفيء حيث أراه الله تعالى.
وفيه مسند لمن رأى جواز نسخ الشيء قبل العمل به.
قال أبو داود: حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا عبد الله بن داود قال سمعت عاصم بن رجاء بن حيوة يحدث عن داود بن جميل عن كثير بن قيس قال كنت جالساً مع أبي الدرداء في مسجد دمشق فجاءه رجل فقال با أبا الدرداء إني