نَعَمْ. قَالَ: كَيْفَ تَجِدُنِي؟ قَالَ: أَجِدُكَ قَرْنًا, فَرَفَعَ عَلَيْهِ الدِّرَّةَ فَقَالَ: قَرْنٌ مَهْ؟ فَقَالَ: قَرْنٌ حَدِيدٌ, أَمِينٌ شَدِيدٌ. قَالَ: كَيْفَ تَجِدُ الَّذِي يَجِيءُ مِنْ بَعْدِي؟ فَقَالَ: أَجِدُهُ خَلِيفَةً صَالِحًا غَيْرَ أَنَّهُ يُؤْثِرُ قَرَابَتَهُ, قَالَ عُمَرُ: يَرْحَمُ اللَّهُ عُثْمَانَ "ثَلَاثًا". فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدُ الَّذِي بَعْدَهُ؟ قَالَ: أَجِدُهُ صَدَأَ حَدِيدٍ, فَوَضْعَ عُمَرُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَقَالَ: يَا دَفْرَاهُ يَا دَفْرَاهُ, فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ خَلِيفَةٌ صَالِحٌ, وَلَكِنَّهُ يُسْتَخْلَفُ حِينَ يُسْتَخْلَفُ وَالسَّيْفُ مَسْلُولٌ وَالدَّمُ مُهْرَاقٌ"1. وَكَانَ الْأَمْرُ كَمَا أَخْبَرَ.

وَكَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَيَّامَ خِلَافَتِهِ عَلَى طَرِيقِ الْحَقِّ وَالِاسْتِقَامَةِ وَالتَّمَسُّكِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَهَدْيِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُجْتَهِدًا فِي جَمْعِ شَمْلِ الْأُمَّةِ وَاطْفَاءِ الْفِتَنِ وَالتَّذْفِيفِ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ حَتَّى اعْتَدَى عَلَى حَيَاتِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الشَّقِيُّ ابْنُ مُلْجِمٍ الْخَارِجِيُّ قَبَّحَهُ اللَّهُ وَقَدْ فَعَلَ, وذلك يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي وَقْتِ الْفَجْرِ وَهُوَ يَقُولُ: الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ, فَمَكَثَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ السَّبْتِ, وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْأَحَدِ لِإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ عَنْ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةٍ2, فَكَانَتْ مُدَّةُ خِلَافَتِهِ كُلِّهَا أَرْبَعَ سِنِينَ وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ إِلَّا لَيَالٍ, وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَفْضَلُ مَنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بِالْإِجْمَاعِ. وَذَلِكَ مِصْدَاقُ مَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا عَنْ سَفِينَةَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "الْخِلَافَةُ ثَلَاثُونَ سَنَةً, ثُمَّ تَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ مُلْكًا" قَالَ سَفِينَةُ: فَخُذْ سَنَتَيْ أَبِي بَكْرٍ وَعَشْرَ عُمَرَ وَاثْنَتَيْ عَشْرَةَ عُثْمَانَ وَسِتَّ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ3.

قُلْتُ: سَفِينَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَذَفَ الزَّائِدَ وَالنَّاقِصَ عَنِ السِّنِينَ مِنَ الْأَشْهُرِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَاتُ الْعَرَبِ فِي حَذْفِ الْكُسُورِ فِي الْحِسَابِ, وَعَلَى مَا قَدَّمْنَا ضَبْطَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015