فَأَيَّامُ كُلٍّ مِنْهُمْ لَا تُكْمِلُ ثَلَاثِينَ إِلَّا بِخِلَافَةِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, وَهِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ, ثُمَّ أَصْلَحَ اللَّهُ بِهِ الْفِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوُلَّيَ مُعَاوِيَةُ بِذَلِكَ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَكَانَ ذَلِكَ الْعَامُ يُسَمَّى "عَامَ الْجَمَاعَةِ" وَكَانَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوَّلَ مُلُوكِ الْإِسْلَامِ وَخَيْرَهُمْ, وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَبَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ, وَثَلَّثَ عُمَرُ, ثُمَّ خَبَطَتْنَا بَعْدَهُ فِتْنَةٌ فَهُوَ مَا شَاءَ اللَّهُ. وَفِي رِوَايَةٍ: يَقْضِي اللَّهُ فِيهَا مَا يَشَاءُ1.
وَلَهُ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَيُحِبُّنِي قَوْمٌ حَتَّى يَدْخُلُوا النَّارَ فِي حُبِّي, وَلَيَبْغَضُنِي قَوْمٌ حَتَّى يَدْخُلُوا النَّارَ فِي بُغْضِي2.
وَلَهُ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: يَهْلِكُ فِيَّ رَجُلَانِ: مُفْرِطٌ غَالٍ, وَمُبْغِضٌ قَالَ3. وَلَهُ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: يَهْلِكُ فِيَّ رَجُلَانِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ وَمُبْغِضٌ مُفْتَرٍ4.
وَلَهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: أَتَدْرِي مَا مَثَلُ عَلِيٍّ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ؟ قَالَ قُلْتُ: وَمَا مَثَلُهُ؟ قَالَ: مَثَلُهُ كَمَثَلِ ابْنِ مَرْيَمَ, أَحَبَّهُ قَوْمٌ حَتَّى هَلَكُوا فِي حُبِّهِ, وَأَبْغَضَهُ قَوْمٌ حَتَّى هَلَكُوا فِي بُغْضِهِ5.
وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ هَذَا الْمَعْنَى مُسْنَدًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "إِنَّ فِيكَ مِنْ عِيسَى مثلا, أبغضته يهود حَتَّى بَهَتُوا أُمَّهُ, وَأَحَبَّتْهُ النَّصَارَى حَتَّى أَنْزَلُوهُ بِالْمَنْزِلِ الَّذِي لَيْسَ بِهِ, أَلَا وَإِنَّهُ يَهْلِكُ فِيَّ اثْنَانِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ يُقَرِّظُنِي بِمَا لَيْسَ فِيَّ, وَمُبْغِضٌ مُفْتَرٍ يَحْمِلُهُ شَنَآنِي