وهل يأخذ الموظفون رواتبهم من صندوق الأمة ليناموا آمنين إذا هي خافت، ويضحكوا فرحين إذا هي تألمت، وينعموا فارهين إذا هي شقيت، ويأكلوا مسرفين إذا هي جاعت؟
كلا! كلا يا سيدي؛ فالموظف من الأمة وإلى الأمة. وليس في البلد شعب وموظفون، ولكنّ فيه شعباً واحداً يشعر بشعور واحد، ويصدر عن مبدأ واحد ويسعى إلى غاية واحدة. ولأن تعرف أنت هذه الحقيقة فتعمل بها أولى من أن أنزل أنا عند رأيك وأخضع لإرادتك فيما يؤذي الحقيقة وينافيها.
كلا! لقد انقضى ذلك العهد الذي كان الموظف فيه مسؤولاً أمام رئيسه، وأصبحنا اليوم وكلنا مسؤولون أمام الأمة والتاريخ (?). وليس هذا الراتب منحة منك حتى تمنّ به عليّ، ولكن راتبك أنت منحة من الأمة (التي أنا من أبنائها) تمنّ هي به عليك.
* * *
وبعد؛ أفليس مما يجب على قادة الفكر وأرباب الأقلام، أن يعرّفوا الناس حقيقة الوظيفة والموظفين، وحق الأمة عليهم وأمل الأمة فيهم؟ أوَليس يجب عليهم معالجة هذه النواحي من أخلاقنا، وبسط الكلام فيها، وتحذير السالمين منها، ومداواة المصابين فيها؟
* * *