نشرت سنة 1952
كنت أمس وراء مكتبي فسمعت صوتاً هائلاً له رنين وصدى، كأنه صوت رجل ينادي من قعر البئر أو يصرخ في الحمام، يقول: السلام عليكم.
فرفعت رأسي فإذا أمام وجهي بطن الرجل، وكأنه بطن فرس ضخم من أفراس البحر، أما رأسه فكان في نصف المسافة بيني وبين السقف، ومدّ إليّ يداً كالمخباط يصافحني، ثم عمد إلى أكبر مقعد في الغرفة فحاول أن يُدخل نفسه فيه فلم يستطع فلبث واقفاً، وعرض حاجته وهي دعوتي إلى اجتماع للمصالحة بين أخوين من إخواننا. ولم يكن من عادتي إجابة مثل هذه الدعوة، وهممت بالرفض لولا أني قست بعيني طول الرجل وعرضه، وعمقه وارتفاعه، فآثرت السلامة ووعدته.
قال: أين نلتقي؟
فخفت أن أدلّه على الدار فيدخل فلا أستطيع إخراجه، فقلت له: هنا، الساعة الثالثة بالضبط.
قال: نعم. وولى ذاهباً وكأنه عمارة تمشي!