حسَناً ولا ما كتموا ظاهراً، ولا ما صغّروا كبيراً ولا ما عظّموا حقيراً؟ أوَلو كان رؤساؤه مخطئين؟ أوَلو كانوا لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون؟
ومَن ذا حظر عليه ما أبيح للناس، ومنعه ما مُنحوا من حرية التفكير وحرية الرأي وحرية القول؟ ولماذا يشتهي من الطعام ما يعافه رئيسه، ويستحسن من أبيات الشعر وأصوات الغناء ما يستهجنه ويستثقله، ولا يكون عليه في ذلك من حرج، ثم لا يتخذ له من الآراء غير رأيه ومن المذاهب غير مذهبه؟ ولماذا لا ينشر هذا الرأي ويؤيد هذا المذهب، ما دام لا يأتي محرَّماً في الشرع ولا ممنوعاً في القانون؟
والوظيفة -يا سيدي- عَقْدٌ بين الدولة والموظف (?)، على أن يعمل عملاً بعينه، على جُعْلٍ بذاته. فهل يعمل الأجير في الدُّكان، والعامل في المصنع، والنّادل في الفندق، والخادم في البيت، وكلُّ مأجورٍ من الناس في عمل جلّ أو قلّ، علا أو سَفُلَ، فإذا أكمل عمله وجوّده استحق الأجر، وانطلق حراً في وقته يقضيه على ما أَحَبّ، حراً في ماله ينفقه على ما شاء، حراً في رأيه ينحو به النحو الذي أراد ويسوقه المساق الذي اختار ... ثم لا يكون الموظف حراً أبداً ولا يملك من أمر نفسه شيئاً؟
وماذا عليّ وأنا مدرّس -إذا أنا أعدَدْتُ درسي وألقيته، وقرأت وظائف تلاميذي وصحّحتها، وفعلت كل ما يوجب