أذيعت سنة 1956
أنا الآن في ورطة؛ يدي تعدّ حقائب السفر، ورجلي في الركاب، وعليّ أن أكتب هذا الحديث وأن أعدّ المحاضرات التي دُعيت لإلقائها في الكويت، والموضوعات تتزاحم في رأسي وتتضارب وتتراكض حتى لأحسّ بها تضرب أصداغي، وكلما شرعت في موضوع ورد عليّ طرف من الموضوع الآخر، حتى تداخلني اليأس، فكدت ألقي القلم وأعترف بالهزيمة.
ثم قلت لنفسي: لقد فشلت، ولكن لماذا لا أفكر في أسباب الفشل فأجعل منها موضوع الحديث؟
لقد فشلت لسببين: الأول أني حمّلت نفسي فوق ما أطيق، فأنا أعمل في المحكمة، وأكتب في أكثر من مجلة، وأذيع في الإذاعة، وأعدّ محاضرات. ولو اقتصرت على ما أستطيع حمله وأداءه على وجهه لنجحت.
والثاني: أن من طبعي التأجيل والتسويف؛ فأنا لا أزال أؤجل عمل اليوم إلى غدٍ، وأتشاغل عنه وأسوّف فيه حتى لا يبقى للمحاضرة أو الحديث إلا ساعات معدودة، فأركض ركض