بل أنا أسألكم أن تمتحنوا أنفسكم فتجيبوا فوراً بلا مراجعة ولا فكر: أين تقع مدينة مراكش، وما بعدها عن فاس؟ وأين مسجد القرويين وأين جامع الزيتونة؟ وهل القيروان على البحر أو على سفح جبل، وما صفتها اليوم؟
هذا ولم أسألكم عن مدن الإسلام في فارس والأفغان والهند وأندونيسيا لأني واثق أنكم لا تعرفون منها إلا أسماءها، وهذه الإحصاءات الميتة التي بقيت في نفوسكم من درس الجغرافيا.
وقد سألت عشرات المتعلمين في مصر عن الأُبُلّة التي عدّها ياقوت في متنزهات الدنيا، فما عرف أحد أين هي اليوم. وأعجب من ذلك أن طالباً في كلية الآداب في القاهرة أبوه شامي وهو مولود في مصر؛ سألني مرة: "و «بردى» ده يبقى إيه؟ "! ولو قال: من أين ينبع بردى أو أين يصب؟ لكان لذلك وجه، أما أن يسأل عنه: "يبقى إيه؟ " لا يدري أهو نهر أم جبل أو هو تمثال في متحف أو لون من ألوان الطعام، فشيء لا يكاد يصدَّق!
ولم ينفرد إخواننا المصريون (أعني قبل الوحدة) بجهل بلادنا، فنحن -على كثرة ما نقرأ عن مصر في مجلاتها وما نرى من مناظرها في «أفلامها» - لا نعرف غير القاهرة والإسكندرية. ولو سألت جمهرة المتعلمين منا: أين تقع الفيوم من المنصورة؟ وما الدقهلية من الغربية؟ لما دروا.
ونحن لا نكاد نعرف عن المغرب دانيه وقاصيه شيئاً. أما سائر بلاد الإسلام فأنا أقر على نفسي أنني لم أكن أعرف عن الهند والملايا وأندونيسيا (قبل أن أذهب إليها) أكثر مما أعرف اليوم عن