يذرعه»؛ فلا أكاد ألقي عصا التسيار وأحط الرحال من سفر حتى أتهيأ لآخر (?)؛ أطوّف ما أطوّف ثم آوي إلى هذه الغرفة الصغيرة، أجلس بين ركام الكتب أحسب ما كسبته من هذا العناء الطويل، فلا أجدني كسبت إلا صورة في الذاكرة أضمها إلى صورة، وذكرى في النفس أقرنها بذكرى، وصفحة في دفتري أضيفها إلى صفحة؛ أسعد بتدوينها وأسرّ ببقائها، وإن كنت لا أدوّن إلا الأقل مما أراه وأشعر به ولا أذكر إلا التافه مما يمر بي، وإن كنت أعلم أن صور الذاكرة إلى امّحاء وذكريات النفس إلى ضياع وقصص الدفتر إلى السكين والنار، لا يزهّدني ذلك فيها ولا يصرفني عنها، لعلمي أن الحياة نفسها ستموت والوجود سيعدم، ولا يبقى في الوجود إلا الموجد.
* * *