فكل واحد منا يُجَنّ مرة في السنة حين يذهب إلى الجبال ليصطاف فيها. إن له من وسائل الراحة في بيته وفي بلده ما لا يجد مثله في المصيف، ولكنه حب التبديل.
والموظف في الزبداني ينتظر يوم العطلة لينزل إلى دمشق، ونحن في دمشق نرقب يوم العطلة لنذهب إلى الزبداني؛ هو يجد المتعة في دمشق ونحن نجد المتعة في الزبداني، وما اختلفت النفوس ولكنه حب التبديل. والكشافة الذين يتركون القطار المريح والسيارة السريعة، ويحملون أحمالهم ويصعدون الجبال ويؤمون المدن والقرى، يدَعون البيوت وينامون في الخيام، يهجرون الأسرّة ويهجعون على الأرض، إنما يريدون التبديل.
بل إن الحج نفسه إنما هو -أولاً- عبادة مفروضة وركن من أركان الإسلام، ثم إنه لون من ألوان التبديل في نمط المعيشة؛ إنه معسكر كشفي تدريبي لا بدّ فيه من تحمّل المشاق والصبر على المتاعب، ولو كانت حجة يمكن أن تخلو من تعب لكانت حجتنا التي حججناها سنة 1954، كنا ضيوف الحكومة، النزول في فندق بنك مصر الفخم، والسيارة على الباب، وكل شيء ميَسَّر، وقاسينا مع ذلك من مشاق الزحام في الطواف والسعي والرمي والسهر ليلة منى والامتناع عما يحرم على المحرم ما لا ننساه (?)، كأن تلك المشاق من مقاصد الشريعة في الحج ليكون معسكراً تدريبياً إلزامياً.
وإن من أسباب التوفيق في الزواج أن يبتكر فيه الزوجان