وهي أعياد فرحة ومسرة، ولهو شريف، ومتاع حلال. والإسلام ليس دين تزمت ولا يحارب طبيعة النفوس التي طبع الله الناس عليها ولا ينافي الفطرة، ولكنه يمنع ما فيه الضرر. هذه هي المحرّمات، فكل لهو لا محرم فيه مطلوب شرعاً إن كان باعتدال وقصد، وإلى الحد الذي يقوي النفس على الخير ويُنشّطها للقيام بما يجب.
* * *
بقيت عليّ كلمةٌ واحدة: هي أن حكمة رمضان لا تتم في عيد الفطر إلاّ إذا شاركتم الفقراء في الأكل والشرب كما شاركتموهم في الجوع والعطش، وكنتم معهم في لذة الوجدان كما كنتم معهم في لوعة الحرمان، وأن لا تملؤوا أيدي أولادكم باللُّعَب والسّكاكر وفي أبناء جيرانكم أولاد مثلهم ينظرون إليهم وأيديهم خالية، وأن تعلموا أن مما رميتموه زهداً به من ثياب أولادكم ما يكون ثوب العيد وفرحة العمر لهؤلاء الأولاد، وأن كل غني يجد من هو أغنى منه وكل فقير يلقى من هو أفقر منه. والمسائل نسبية، والعصفور نملة إن قيس بالفيل، ولكنه فيل إن قيس بالنملة. فأعطِ من هو أفقر منك عشر ليرات هي عنده مئة ليرة وعندك ليرة، يبعث لك الله من يعطيك خمسة آلاف وهي لك خمسون ألفاً وهي عنده عشر ليرات. وإذا فرّحت أخاك بعطيتك فرّحك الله بعطية من عنده لا تحتسبها ولا ترتقبها، وثواب الآخرة أكبر.
فاختاروا -يا أيها القراء- مما يفضل من ثيابكم، وما يزيد من اللعب والسكاكر والحلويات عن أولادكم، فأرسلوه إلى أولاد الجيران الفقراء. دعوهم يعيشون يوماً واحداً من السنة كما تعيشون