إما أن هذا ليس البخاري، أو أنكم لستم العلماء!
فوجموا وصمتوا، ولكن عالماً من آخر الصف لم يصمت ولم يَجِمْ (?)، بل صاح به: منك يا إسماعيل! فإنا روينا عن النبيصلى الله عليه وسلم أنه قال: «لتامُرُنّ بالمعروف ولَتَنْهَوُنّ عن المنكر، أو ليسلّطنّ الله عليكم شراركم، فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم».
فزاد وجوم المشايخ واضطربوا وجزعوا، ووقف الخديوي لحظة لا ينطق ووجهه يتمعّرُ من الغضب، ثم استدار فانصرف ومعه شريف باشا. وأخذ العلماء يؤنبون الشيخ المتكلم (شأنَ الناس مع كل من يصدع بالحق وينادي به، كأن الأصل هو المسايرة والمداراة، وكأن الصراحة خلاف الأصل) ويقولون: ماذا صنعت بنفسك؟ ولماذا عرضتها للتهلكة؟ وهو لا يبالي بهم ولا يرد عليهم. وما كان لمن يقوم بمثل ما قام به أن يبالي بلوم اللائمين.
ولم تمرّ ساعة حتى جاء الشرطة يدعونه لمقابلة الخديوي، فقال الناس: قد ذهب! وعدّوه مع الموتى.
وحُمِل فأُدخل على الخديوي، فإذا هو وحده ليس معه أحد، فقال له: أَعِدْ عليّ ما قلته. فأعاد عليه. قال: وما الذي صنعناه؟ قال: يا أفندينا! أليس الزنا مباحاً؟ أليس الربا مباحاً؟ أليس؟ أليس؟
ومضى يعدّد المنكرات. قال: وماذا نعمل وقد اقتبسنا مدنية