-3 -
ونحن الآن في قصر حاكم مصر، وقد زاره الشيخ الأمير (المتوفى قبل مئة وخمسين سنة) (?) وهو صاحب الحواشي المعروفة في النحو والشروح في فقه المالكية، وكان بينه وبين الشيخ القويسني الذي ولي مشيخة الأزهر بعد ذلك (?) خصومة معروفة، فسأله الحاكم عنها (وكان يحب أن يقف على حقيقتها ليوفق بينهما)، فقال الشيخ الأمير: "ليس بيننا إلا الخير، وما أظن الشيخ القويسني حدثك بشيء من هذا". ومدح القويسني وأثنى عليه، ثم خرج فمر على القويسني وخبّره بما دار بينه وبين الحاكم، فقال القويسني: "صدقت، ما قلت له شيئاً". فقال الأمير: هكذا يكون أهل العلم، يسوّون ما بينهم في خاصّتهم، أما مظهرهم فيجب أن يكون قدوة في التآلف والخير إمساكاً على عروة الإسلام وحفظاً لكرامة العلم.
-4 -
على أنهم لم يكونوا يبتغون الصداقة إلاّ من طريق الحق والصدق والتعاون على الخير، فإن جاءت من طريق الباطل تركوها وأعرضوا عنها، لأن العالم الذي يتزلف ويرائي ويحبّ