أو يحفّون بشيخ من المشايخ يسألونه فيجيبهم، أو يرقبونه من بعيد وهو جالس يعد درساً أو يتلو سورة، ينظرون إليه نظر تجلّة وإكبار، لأن المشايخ كانوا علماء عاملين صادقين مخلصين، فكان الطلاب يرون تعظيمهم من الدين.
ودخل شيخُ الأزهر، وكان -يومئذٍ- الشيخ عبد الرحمن الشربيني (?) العالم المصنِّف الذي كان من مزاياه أنه لم يتزلّف إلى كبير قط، فقام الطلبة كلهم احتراماً له ووقف المشايخ يحيونه، فحياهم وأراد أن يمضي، فلمح في طرف المسجد شيخاً مسناً في ثياب خشنة مضطجعاً على جنبه، يظنه من لا يعرفه فلاحاً قدم الساعة من بلده فجاء يستريح في المسجد، فوضع شيخ الأزهر حذاءه بعيداً وأقبل يمشي على أطراف أصابعه مترفقاً حتى وصل إليه، فقعد وأخذ يده فقبلها.
فانتبه النائم فرآه، فما زاد على أن قال له: إيش زيك (?) يا?عبد الرحمن؟
ففرح شيخ الأزهر بهذه التحية فرح من حيّته الملائكة.
وكان النائم هو الشيخ الأشموني، العالم المعروف.