وما يتوهم من اللذة بشربها، والقمار وما يؤمل من الربح بتعاطيه، ويأخذه إلى المراقص والمشارب وكل مكان لذة فيفسده. فإلى أين -لعمري- يأخذه الرجلُ الصالح ليصلحه، وما الذي يغريه به إلا أن يعده للآخرة الغائبة بدلاً من الدنيا الحاضرة؟ وذلك مطلب عال لا يصعد إليه إلا بجهد دونه جهد السجن والضرب والقتال. لذلك جعل الله هذه المنزلة لمن يؤمن بالغيب وكرر الثناء عليه في القرآن، ولذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن سبعة يظلّهم الله بظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، يوم الحشر للحساب، منهم الشاب الذي نشأ في طاعة الله وقاوم مغريات الشباب، ومنهم رجل دعته امرأة ذات جمال حتى إذا تمكن منها ذكر الله فقام عنها.
* * *
إن سفر الشاب وحده إلى أوربا خطر مؤكد، ولكن الآباء لا ينتبهون إليه ولا يفكرون فيه.
إنهم يربون الولد على العفاف ويحمونه من فتنة النساء، حتى إذا ما ظنوا أنه استقام وصلح، ووطّن نفسه على العفة والتقى، وطوى جوانحه على مثل النار الآكلة من لذع الشهوة، نقلوه إلى بلد كل شيء فيه مباح، الفتن فيه تحف به من كل جانب، وقد زالت الموانع وسقطت الحدود، فليس دون المعصية حد، لا حد الدين في بلد لا يدين بدين الإسلام، ولا حد العار في بلد لا يرى العار عاراً.
فهلا فكر الآباء في مصير أولادهم حين يبعثون بهم ليدرسوا في ديار الغرب؟