وكان السد الثالث خوف الفضيحة، فانقلبت الحال حتى صار الشاب الفاسق يفخر بفسوقه ويسرد حوادث فجوره، بعد أن كان يتوارى ويستتر ويجحد إن سُئل وينكر. وصارت القصص الماجنة مباحة لكل قارئ تصور أفظع الحوادث التي صاروا يسمونها «حوادث الجنس» بريشة المصور أو بقلم الكاتب، يقرؤها الشاب والشابة ويُمدَح كاتبوها على ألسنة أدبائنا ونقّادنا. ولقد قرأت -من قريب- مقالة لأديب كبير في السن وكبير في القدر، يمدح فيها الكاتب الفاسق ألبيرتو موارفيا، والفاسق الآخر الذي هلك من زمن بعيد، أوسكار ويلد، يدفع الشباب إلى قراءة كتبهما. وصارت الأفلام تعرض هذه القصص لمن لا يصل إليها أو لا يحب أن يقرأها. ونسينا أن إعلان الذنب في نظر الإسلام ذنب آخر، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم علّم من ابتُلي بالمعاصي منّا أن يستتر بها وأن يكتمها وأن يستغفر الله منها.
فانكسر السد الثالث.
* * *
وكان السد الرابع خوفَ المرض، فجاء الأطباء (أعني بعض الأطباء) ينادون بأعلى أصواتهم: أن لا تخافوا الأمراض يا أيها الفساق، فإن عندنا البنسلين، والاستربتوميسين، والتيرامايسين، والإبليسين (نسبة إلى إبليس!) وكل دواء فيه هذه السين ... فمهما أصابتكم به المحرمات من مرض فنحن نزيله، فأقدموا ولا تخافوا.
فأقدموا وما خافوا، فانكسر السد الرابع.
* * *