مسده ويقوم مقامه؛ حرم الزنا وأباح الزواج، والذي يعمله المتزوج هو الذي يصنعه الزاني، فلماذا نوقد الأنوار في مقدمة الدار عند حفلة الزواج، ونطبع البطاقات وندعو إليها الناس، ومن أراد الفاحشة تسلل إليها في الظلام وابتغى لها الزوايا التي لا يبصره فيها أحد من البشر؟ إنهما كمن يدخل المطعم وماله في جيبه، فيقعد على الكرسي مطمئناً ويطلب قائمة الطعام متمهلاً، فيختار ما يريد، فيأتيه النادل به فيأكله مترسّلاً. واللص الذي يخطف شيئاً من الطعام فيلحقه الناس يصرخون: "حرامي حرامي"، فيلتهم الطعام وهو يعدو، يبتلعه حاراً، وربما اعترض في حلقه وغص فأحس الغصة في صدره ثم لا يهنأ به ولا يكاد يسيغه.
فتيسير الزواج هو السد الأول الذي أقامه الشرع في طريق الحرام، فهدمناه لمّا صعّبنا النكاح وسهّلنا السفاح.
* * *
ومنع الشرع الاختلاط وقال: «ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما». فجاء ناس منا، ببغاوات خلقها الله على صورة البشر، تقول ما يقال لها وإن لم تدرك معناه وإن لم تعرف مغزاه. قالوا: "ما هذه الرجعية؟ ما هذا الاحتقار للمرأة وسوء الظن بها؟ أتحرم المرأة حريتها؟ أنتم أعداء المرأة ... " وكثير من أمثال هذا الهذيان يردده من لا يدرك أثره ولا يعرف مغزاه.
قلنا: "ما نحن والله أعداء المرأة؛ نحن أحباؤها، نحن المدافعون عنها المحافظون عليها، نحن نحميها من عدوان الرجل الفاسق ومن ظلم المجتمع الجائر". فلم يصدقونا، وخدعوا المرأة