التي فسقت والولد الذي فسد. على أننا ننكر الفسوق والفساد على كل حال.
لقد وضع الله هذه الغريزة في النفس ورسم لها طريقاً تمشي فيه كما يمشي ماء السيل في مجراه الذي أُعِد له، ووَضَع فيه من السدود ما يمنعه أن يطغى عليه ويخرج عنه كما يخرج النهر -أحياناً- فيغرق الحقل ويهلك الحرث والنسل.
أما المجرى الطبيعي فهو الزواج، وأما الطغيان فالبغاء والفساد. فجئنا نحن فخالفنا فطرة الله؛ فسددنا المجرى الطبيعي وأزحنا عنه السدود والحدود وتركناه ينطلق كما يشاء، فيدمر البلاد ويهلك العباد، ورأينا قوماً في أوربا وفي أميركا يصنعون هذا فقلنا إنهم هم المتمدنون وهم أهل الحضارة، فلنصنع صنيعهم ولنمشِ وراءهم.
قلنا للشابة: الزواج ممنوع لأن الشباب شُغلوا عنه بالحرام، ولأن الآباء طمعوا بمهور النساء وجعلوا بناتهم تجارة للربح لا باباً للحياة الشريفة العفيفة، ورددنا الخاطب التقي الصالح، وأطلقنا البنت تخرج بادية محاسنها ظاهرة مفاتنها، قد نبذت حجابها وأبدت سحرها وشبابها.
وربما طمع الأب بمرتبها إن كانت موظفة فمنع زواجها، يقول: "بنتي وأنا حرٌّ فيها". لا يا أخي؛ لست حراً فيها. إنها ليست شاة ولا بقرة تملكها تستطيع أن تبيعها أو تمسكها، ولكنها بشر مثلك. وإنما جعل الله لك الولاية عليها لمصلحتها ولتصونها وتمنعها من أن تُقدم على ما يؤذيها في دينها ولا ينفعها في دنياها.