مع الناس (صفحة 166)

وإذا لم تحب أن تنفقه في حياتك وأردت أن توصي به فحسن، الوصية مطلوبة على أن تجعلها في وجوه الخير وفيما هو طاعة وبرّ باتفاق العلماء. فاجعل وصيتك أن يكون التجهيز والتكفين وما إلى ذلك على الوجه الشرعي، وأن تنظر -بعد- فإذا كان في أقربائك محتاج فاكتب له شيئاً معيناً باسمه، والأقرباء أولى بالمعروف، ولا يقبل الله صَدَقة عبد وفي قرابته محاويج. فإذا فرغت من أقربائك فلمن يلوذ بك من جيرانك ولمن له حق عليك، إذا كان فقيراً محتاجاً. فإن فضل شيء فاجعله عند من هو مستحق له. هذا بعد أن توصي بشيء لمن يحجّ عنك إن لم تكن حججت الحجة الواجبة، وما بقي جعلته للفقراء المحتاجين.

وقد صار عندنا الآن -بحمد الله- جمعيات للبر والخير أمينة موثوق بها. وقد حدّثتكم عن جمعية النهضة الإسلامية في حماة، وفي دمشق، وفي حمص جمعية البر والخدمات الاجتماعية، وهي مؤسسة من عشر سنين ولها دار للعجزة ولها مستشفى مجاني ولها دار للمكفوفين لتعليمهم وتربيتهم، وقد نقّت حمصاً من السائلين والشحّاذين فلا تلقى فيها اليوم سائلاً. وفي دمشق جمعيات كثيرة لها اتحاد عام تشمل أحياء البلد كلها. وأنا أعلن للملايين التي تسمعني أن هذه الجمعيات موضع ثقة، وهي تعالج المرضى وتسعف الفقراء وتعلّم الطلاّب، وتقوم بكل أنواع البرّ، فمن أراد أن يوصي بشيء للخير فليسلّمه إلى واحدة منها.

ورأس الأمر كله في الوصية أن تحرص على حسن اختيار الوصي، وألاّ تغترّ بالزي والكلام بل تعتمد على التجربة والاختبار، لأن في الناس كثيرين يتزيّون بزي الصالحين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015