أحد الثلاثة الذين سُمّوا للّجنة العليا، لجنة الصياغة، وقد قدمت إليها بحثاً موضوعه الوصايا وأنها مصدر كبير من مصادر التأمين الاجتماعي لو أُحسن استغلالها ووضعت موضعها.
ثم لمّا وُضع قانون الأحوال الشخصية المعمول به الآن في البلاد (وكنت أنا الذي أَعدّ مشروعه) وُضعَتْ فيه مادة صريحة باعتبار كل وصية بمعصية أو بأمر ينافي مقصد الشارع باطلة.
وكلامي الآن لمن يثق بي من المستمعين، أنصحهم وأُبيّن لهم، فإن سمعوا مني فالحمد لله، وإلاّ فما عليّ إلاّ البلاغ.
إن المرء لا يوصي بوصية إلاّ ابتغاء ثواب الله، فيجب عليه أن يعرف ما يرضي الله قبل أن يوصي.
وذلك بأن تنظر أولاً: فإن كان لك ذرّية ضعفاء وكان مالك قليلاً لا يكفيهم هم، فالأحسن أن تترك المال لهم ولا تكتبه لزيد أو لعمرو أو لمسجد أو مستشفى وتدَعَ ذريتك يحتاجون الناس. وأنا أعرف رجلاً فقيراً متكسباً من عمله ترك ثلاث زوجات وعشراً من الولد وأوصى بثلث ماله للخير، فجاء الوصي فجرّع الأولاد العلقم وعذّبهم في المحاكم وأخذ المال، فلم يعلم إلاّ الله ماذا صنع به، وأولاد الميت يحتاجون إلى عُشره ليعيشوا به.
وإذا كنت موسراً وأحببت أن تجعل من مالك قسطاً للخير فقدّمه بين يديك، يكن ذلك خيراً لك في الدنيا والآخرة. وما تعطيه في حياتك وأنت صحيح شحيح تخاف الفقر وترجو الغنى (كما جاء في الحديث) أفضل مما توصي به.