مع الناس (صفحة 151)

فنملأ الدنيا فخراً بها وعملاً على إحياء مجدها.

وعدّ يا أخي عن هذا وأخبرني: لماذا تغضب إذا ناقشك تلميذك، وتخشى أن تعود للحق لأنه جاء على لسان تلميذ وتصر على الباطل لأنه خرج من فيك؟ أليس خيراً لك وأجدر بك وأنت معلم أن تعود إلى الحق وتكافئ صاحبه، وتعلّم التلاميذ أنه لا شيء أحلى من الثبات على الرأي إلاّ الرجوع إلى ما هو خير منه، بدلاً من أن تعلمهم كيف يثبتون على الباطل ويدحضون به الحق؟

- لا، لا. أنا أعدّ هذه الآراء تعدّياً على حرمة المعلمين وتشجيعاً للتلاميذ على مناوأتهم والمشاغبة عليهم.

قلت: وأنا أعتبر آراءك هذه تعدياً على حرمة الحق وتشجيعاً للتلاميذ على دوس الحقائق التاريخية والعبث بمصلحة الأمة. وهل تراني أقول للتلاميذ: "قوموا شاغبوا على معلميكم أو أفسدوا الدروس حتى لا تتعلموا شيئاً"؟ لا يا صاحبي، أنا أكثر منك غيرة على سير الدروس وتأمين النظام فيها لأني أعلم أن العلم أمضى سلاح في الحياة، ولكني أقول للتلاميذ: "تحرّوا الحق وقدروه حق قدره، واعلموا أن المعلم أكبر من التلميذ ولكن الحق أكبر من المعلم ومن المدير ومن الوزارة ومن جمعية الأمم" ... وربما ناقشني تلميذي أشد من هذه المناقشة وجَرُؤ عليّ أكثر من هذه الجراءة فأطفئ حدته بسيل من الحجج والبراهين، فيخمد الحق ثورته فلا يلبث أن يقعد معترفاً ويؤوب مستغفراً. وإذا آنست منه وقاحة أو سوء أدب عاقبته على سوء أدبه ووقاحته لا على حواره ومناقشته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015