مع الناس (صفحة 146)

لم أجد في فنادق أوربا الغربية، وقد نزلتها) (?) إلاّ طعام الإنكليز وأسلوب الإنكليز لا سيما في الفطور؛ الفطور الذي يقدم في البلاد الحارة، بل سنغافورة وهي على خط الاستواء تماماً، هو الذي يقدَّم في صوفر التي تَعْتمُّ جبالها بالثلج!

فمتى نتحرر من «هذا» الاستعمار الاجتماعي و «ذلك» الاستعمار العقلي كما تحررنا من الاستعمار السياسي والعسكري؟ ومتى نعتز بعاداتنا ونتمسك بها كما يتمسكون هم بعاداتهم؟ ومتى تكون فنادقنا لنا تعدّ الطعام الذي نألفه ونشتهيه أو يكون لنا فيها -على الأقل- نصيب؟

إن من ينزل واحداً من هذه الفنادق الكبار في مصر أو دمشق أو بغداد أو جدة أو الرياض لا يحسّ أنه في بغداد ولا في دمشق ولا في مصر ولا جدة ولا الرياض، بل يظن أنه في إنكلترا أو فرنسا. كل شيء فيها أجنبي أجنبي؛ حتى اللغة ... إن اللغة التي يتخاطب بها موظفوها والتي يقدّمون لك بها قائمة الحساب ليست اللغة العربية لغة البلد. ونحن نتظرّف أو نتلطّف أو نذل ونتصاغر، لست أدري ماذا أقول، فنخاطبهم بهذه اللغة الفرنسية أو الإنكليزية ونحن في بلدنا، ونحن نملك أشرف لغة وأجود لغة وأوسع لغة وأغنى لغة بالبيان وهي لغة العرب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015