تكون لك الغرفة فيها كل ما يمتع ويريح: السرير اللين، والفراش الناعم، والحمام النظيف، والماء الحار للغسل، والماء المثلج للشرب، والهاتف والجرس والرادّ، والتدفئة في الشتاء والتبريد في الصيف، ولكنك تحسّ -مع ذلك- أنك غريب وأنك مفرد، إذا أغلقت عليك بابك لم تشعر أن معك من يعنيه أمرك ويشغله شأنك، وإذا خُدمت فإنما تُخدَم لمالك، وكل شيء في الفندق بالمال، لا تستطيع أن تخطو خطوتين إلاّ إن دفعت قرشين.
إن نزلت من السيارة أسرع الفرّاش يفتح لك الباب ووقف في طريقك لا يزيح إلاّ بالقرشين، وإن ولجت الباب وجدت أمامك فرّاشاً آخر فدفعت له قرشين آخرين، وفي المصعد فرّاش ثالث وضريبة ثالثة، ورابع وخامس وتاسع وعاشر ... حتى إنك إذا دخلت دورة المياه وجدت فرّاشاً يفتح لك باب بيت الخلاء ويقول لك: "تفضل يا بيه"! ويقف، وتقف أنت لا تدري كيف تصرفه. لا يدري أنه ما سمي هذا المكان بيت الخلاء (ولا مؤاخذة) إلاّ لأنك تخلو فيه بنفسك وتكون فيه وحدك، فهل يظن هذا الأحمق والذي أرسله ليلحقك إلى هذا المكان أن المرحاض «صالون استقبال»؟!
والفنادق الكبار -فوق هذا كله- هي البقعة الوحيدة التي تجوز فيها السرقة وتُرتكب علناً! فالطعام الذي ثمنه عشرة يأخذون منك فيه خمسين. وأنا أدرك فرق السرير عن السرير والغرفة عن الغرفة، وأنه إذا كانت الغرفة في الفندق الصغير بعشرين قرشاً صاغاً فلتكن هنا بجنيهين، بزيادة عشرة أضعاف، لا بأس. ولكن ما الفرق بين البيضة المسلوقة التي تباع في السوق والبيضة التي