بي، بَسْ أعطني كتاباً أقرأ فيه واشتغل شغلك"!
والخامس: هذا الذي يكون في مجلس فيه سبعة أو ثمانية من الناس فيستلم وحده الحديث من بابه إلى محرابه، لا يدع لأحد فرجة بين جملتين يمد منها لسانه بكلمة ولا يبالي أملَّ الحاضرون أم تعبوا أم طلعت أرواحهم من حديثه البارد الذي يكون له أول ولا يكون له آخر، كأن القوم قد دُعوا إلى محاضرة. على أن المحاضرة لها موضوع معروف ومدة معينة، وهذه محاضرة ليس لها مدة ولا موضوع. وأفظع من ذلك أن يكون هذا الحديث في مدح نفسه وتقريظها، وأفظع منه أن يكون كذباً لا أصل له!
والسادس: الذي يدخل عليك في مكتبتك أو محكمتك، يريد أن يسألك عن قضية أو يستخبرك عن دعوى، فلا يعمد إلى الموضوع مباشرة بل يسرد لك مقدمة تمتد خمس دقائق عن أدبك ومنزلتك وتشرّفه بلقائك، ثم يبدأ القصة من قبل الطوفان، ويسرد عليك منشأ الخلاف ويقف وسط الحديث ليقول: وكان حاضراً يومئذٍ جماعة منهم هذا ... الذي كان عَطّاراً في سوق الجمعة، ما اسمه؟ اللهم صلِّ على النبي، عجيب كيف نسيت؟ اسمه على رأس لساني، يلبس عمامة بيضاء، ما اسمه يا ربّي؟ ابن أخيه موظف في مؤسسة الكهرباء، وقد جاءنا من أيام وأصلح لنا الساعة ...
ويبقى عشر دقائق وهو في هذا اللتّ والعَجْن، وأنت تنتظر الفرج، والمراجعون ينتظرون على الباب.
والسابع: الذي يقفك في الطريق وأنت مستعجل تسير إلى