مع الناس (صفحة 138)

ملهى السريانا؟ "! أو تفتح عليك امرأة ملهوفة وأنت مسرع في الصباح إلى عملك، فترجوك أن تدعو لها جارتك فلانة لأمر ضروري لا يحتمل التأجيل، وقد يكون بينك وبينها خمسون متراً، فإذا أحضرتَها وحملت في ذلك المشقة والتأخير، إذا بها تريد أن تسألها عن «ثوبها» الأحمر عند أي خياطة خيّطته، وعن استقبال مديحة خانم أو الست ماري في أي يوم من الشهر!

والرابع: الصديق الفارغ الوقت من العمل، الفارغ الرأس من الفكر، يحب أن يمضي ساعتين من وقته فيفتّش في قائمة أصحابه فلا يجد غيرك. وتكون صباحاً مستعجلاً إلى عملك تريد أن تلبس وتأكل وتنظر في حاجات الدار، وإن كنت ممن يعمل بعقله أو كان عندك دعوى يجب أن تدرسها قبل أن تذهب، أو مقالة ينبغي أن تتمها، أو بقية من الأشغال الشاقة (أعني تصحيح وظائف التلاميذ ...) وبينما أنت في هذه الغمرة غارقاً في لجتها إلى أذنيك إذا بالباب يُقرع، وإذا أنت بهذا الصديق المحترم. ويدخل وتضطر أن تقعد أمامه، لا تقعد على الكرسي بل على النار المتوقدة، تنظر في ساعتك ... وهو لا يبالي، ويكون بينكما هذا الحوار: "إي وشلون الصحة؟ "، "الحمد لله". "والله الجوّ اليوم طيب"، "طيب، الحمد لله". "سمعت أن ملك مراكش ألقى خطبة العرش، إنها أخبار طيبة". "نعم، أخبار طيبة". "هل قرأت قصيدة الصافي النجفي في وصف الطاووس؟ " ...

فتتململ وتتحرك في مقعدك وتقوم وتقعد، فتدركه نوبة من اللطف المفاجئ فيقول لك بعد أن تَمضي عليه ساعة وربع في هذا العَلْك: "شوف أخي، أنا لست غريباً. خذ حريتك ... لا تهتم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015