موعد ضروري، إلى درس في الجامعة أو محاكمة أو دعوة أو اجتماع. فيقول لك: "يا أستاذ ... يا أستاذ". فتتلفت، فيسلم هاشاً باشاً كأنه صاحبك من عشرين سنة وكأنه يهم بتقبيلك، وتقف أنت جامداً لأنك لا تعرفه ولم ترَ طلعته البهية قبل اليوم. فيقول لك معاتباً: "شو ما عرفتني؟ "، فتقول: "لا". فيقول: "الله! احزر يا أستاذ، تذكر".
وبعد أن يسائلك دقائق، يأخذ هيئة الجد ويقول: "أحب أن أعرض عليك مسألة آخذ رأيك فيها، أنا تزوجت كما تعلم بنت فلان وكان المهر ... "، ويمضي يسرد قصة تستغرق نصف ساعة، يضيع فيها الدرس والمحاكمة والدعوة والاجتماع!
والثامن: المرأة النظيفة المدبّرة ربّة البيت المثالية، التي لا يخطر على بالها تنظيف السجاد وجمع ست بنات لضربها بالعصي إلاّ على السطح قبل أن تطلع الشمس، فلا تحس وأنت نائم بعد الصلاة إلاّ ست عصي قد نزلت خَبْطاً على رأسك في أوركسترا همجية وحشية توقظ الأموات فضلاً عن النائمين. ومثلها الرجل النظيف المهذَّب الذي لا يستطيع أن يتحمل الوسخ في فمه ولا في أذنه، ولا أن ينتظر حتى ينفرد بنفسه، فلا تزال إصبعه تدور في أنفه وفي أذنه وهو في المجلس الحافل، ينكش أسنانه بعوده، وربما فعل أشنع من ذلك فنكشها بظفره ثم مسحه بالمقعد، أو أخذ جريدة أو ورقة وطواها ونظّف أسنانه بطرفها!
والتاسع: الذي يدخل عليك فلا يجد على مكتبك ورقة إلاّ مدّ إليها يده فرآها، ولا كتاباً إلاّ فتحه، ولا جريدة إلاّ سحبها ونشرها ونظر فيها.