مع الناس (صفحة 137)

خلال ذلك، فإنك تكرهها وتشتهي أن تستبدل بها خبزاً وبصلاً.

ولو كان سهماً واحداً لاتّقيته، ولكن جارك هذا يحب السهر فهو يفتح الراد على مصراعيه فلا يزال يجلجل ويولول إلى نصف الليل، وذاك يحب البكور فهو يقوم فيفتح الراد على مصراعيه من قبل طلوع الشمس!

هذا واحد.

الثاني: هذه السيارات؛ إن سرت في الشارع حملتَ روحك على كفك ووضعت الموت بين عينيك، إذ تراها أمامك ووراءك وعن يمينك وعن شمالك، كأن الجميع يتسابقون إلى امتلاك مناجم الذهب، فما فيهم إلاّ مسرع كالمجنون يجوز بك كأنه راكب على أجنحة شيطان فلا تستطيع أن تراه، وإن كان الليل أعمت العيون بهذه المصابيح فلا ندري أين المفرّ؟ وإن هربتَ إلى دارك لحقتك أصواتها التي توقظ الموتى وتميت الأحياء، وتنزل على رأس النائم كأنها ضربة مطرقة من حديد. وما أدري لماذا يركّبون لها هذه الزمّارات الشنيعة التي يبلغ صوتها مسيرة كيل (كيلومتر) وهذه المصابيح التي يصل ضوؤها إلى بعد عشرين كيلاً؟

والثالث: هو الهاتف الآلي؛ يرنّ الساعة الثانية من الصباح فتقوم من نومك مرتاعاً فزعاً تحسب أن قد حل خطب بقريبك أو حبيبك، وتتعثر وأنت ماش بعيون أغلقها النعاس، وتصطدم بالمنضدة فتصاب ركبتك أو تكسر الآنية الثمينة التي ترتبط بذكرى عزيزة عليك، حتى إذا وصلت إلى سماعة الهاتف قال لك: "آلو،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015