مع الناس (صفحة 101)

والحفلات مثل الولائم. يُكتب في البطاقة أنها تبدأ في الساعة الرابعة، وتبدأ في نصف الخامسة. وأعمالنا كلها على هذا النمط؛ ركبت مرة الطيارة من مطار ألماظة في مصر فتأخرت عن القيام نصف ساعة انتظارَ راكب موصى به من أحد أصحاب المعالي. ولما ثرنا معشر الركاب وصخبنا طار بنا، فلم يسر والله ربع ساعة حتى عاد فهبط، فارتعنا وفزعنا وحسبنا أن قد جرى شيء، وإذا العودة من أجل الراكب المدلل صديق صاحب المعالي، وقد تأخر لأنه لم يحب أن يسافر حتى يدخل الحمام ويستريح بعد الخروج كيلا يلفحه (اسم الله عليه) الهواء البارد! وكنت يومئذ عائداً من رحلة رسمية، فلما وصلت إلى مطار المزّة وجدت أكثر من مئتي إنسان بينهم مندوب وزير العدل ينتظرون في الشمس منذ ساعة كاملة.

والسيارات مثل الطيّارات، والدكاكين والدواوين، والمقاهي والملاهي؛ كل ذلك يقوم على تبديل المواعيد وإخلافها، حتى لم يبق لشيء موعدٌ معروف.

فيا أيها القراء خبّروني، سألتكم بالله: أي طبقة من الناس تفي بالموعد وتحرص عليه وتصدق فيه وتدقق في إنجازه؟ الموظفون؟ المشايخ؟ الأطباء؟ الخيّاطون والحذّاؤون؟ سائقو السيارات؟ مَن؟ مَن يا أيها القراء؟

يكون لك عند الموظف حاجة لا يحتمل قضاؤها خمس دقائق، فتجيئه وهو يشرب القهوة أو يقرأ الجريدة، أو يشغل نفسه بما لا طائل تحته، فيصعِّد فيك بصره ويصوبه ويقوّمك بعينه، فإن أنت لم تملأها ولم تدفعه إلى مساعدتك رغبة فيك أو رهبة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015